يخطئ من يظن أن الازدحام المروري ربما يكون سلبياً فقط، يحرمك من الوصول إلى مكان عملك في الوقت المناسب، ويثير الخلاف بينك وبين مديرك وحتى بعض زملائك في العمل.. أو قد يحرمك من الوصول إلى المستشفى لرؤية قريب لك قد يفارق الحياة في أي لحظة.. أو ربما تصبح طيارتك في أوروبا أو في قارة أخرى قبل وصولك للمطار…
كل شيء قد يقع بسبب الازدحام المروري حتى الخلافات الزوجية.. ربما يؤخرك الازدحام فتصل المنزل على بعد زمني كبير من وقتك المحدد فتتعرض لقصف (لساني) وسلسلة عرضها وطولها غير معروف من الأسئلة قد تنتهي بأزمة (حكومية منزلية) تستمر لأشهر.
وقد تحدث قصص وسط الازدحام كتلك التي حدثت مع أحدهم حين اصطحب زوجته في نزهة.. كان الباعة يمرون على السيارات المتوقفة وكانت فتاة تبيع أنواعاً من البسكويت فطلبت من الزوج بإلحاح شراء بعض منها ثم قالت مشيرة إلى زوجته ربي يحفظ لك أمك.. فـ (جنّ جنون زوجته واستمر أثر المشكلة طويلاً وكلما تتذكرها الزوجة تنتابها حالة من التوتر والعصبية)… ربما معها حق…..
ويرى آخرون نعمة كبيرة في الازدحام منهم من يدعو الله أن تستمر الاختناقات المرورية في الطرق ليبيع بضاعته من المناديل والبسكويت.. أحدهم بائع قال إنه في الازدحام يكسب رزقه ورزق أطفاله ولن يجد أفضل من الازدحام المروري مكاناً للعمل فهو لا يحتاج إلى ترخيص وإجازة فتح محل تجاري ودفع إيجارات وفواتير مختلفة تلحق به الخسارة.
ويمكنك أن تستغل وقت الازدحام في القراءة فلديك متسع كالبحر من الزمن.. تردد فيها مقولة و(خير أنيس وجليس في الازدحام كتاب).. فعندك وقت للمطالعة وبدل الضجر في الازدحام وانتظار تحرك الأرتال المتوقفة من السيارات اجعل الكتاب (أنيسك) واقرأ في سيارتك واجعلها مكتبة متنقلة..
وقد تدين بالفضل للازدحام في تعارفك مع شريك حياتك فتجده وسط الزحمة.. وفي وسط الازدحام هناك مساحات كبيرة من الوقت للحديث وللعلاقات الاجتماعية بين سائقي سيارات الأجرة الذين (يفصفصون) أخبار البلاد والعباد ولا ينقصهم سوى كأس (خمير) من الشاي وأركيلة… في نادي ومقهى الازدحام العائلي… الذي فتح له أكثر من فرع في شوارعنا….
منهل إبراهيم
التاريخ: الخميس 31 – 10-2019
رقم العدد : 17111