يبدع بألوانه على الشجر والحجر..
لا يعني أبدا أن يتم تشكيل مجموعة لونية وتشكيلات فنية أن نحصل دوما على لوحة ذات قيمة..
ولا يعني الفن أن يتم تجميع تلك الألوان في لوحة جدارية منساة..
الفن هو أيضا رسالة.. ومتى كانت متواجدة فعلا حينها تكون قد وصلت..
قد يتعدد المحتوى ولكن يبقى المطلوب هو إيصال الرسالة التعبيرية..
حرفية عالية وعلامة فارقة يسجلها الفنان التشكيلي بهاء الدين صفية بألوانه وريشته المتحركة.. استطاع بها أن يضيف طابعا فنيا على أعماله الفنية.. وإبداعا فريدا من نوعه حتى انتشرت ألوانه في شوارع مدينة طرطوس وبعض حدائقها عبر الرسومات الجدارية الموزعة هنا وهناك..
وفي هذا الإطار كان للثورة اللقاء والحوار مع الفنان بهاء الدين صفية..
• في البداية حدثنا عنك وعن عملك..
•• ككل الفنانين بدأت عملي بالطبيعة التي توزع علينا الجمال في كل مكان من بيئتنا الساحلية المعطاءة.. تزوجت في العشرين من عمري وأنجبت ثلاثة أبناء.. وفقدت زوجتي منذ فترة قصيرة إثر عمل جراحي في المرارة حدث فيها خطأ طبي وتهرب الطبيب من مواجهتي.. فسلمت أمري لله وتابعت حياتي.. لأجد في الرسم الاستراحة، الهدوء والعمل..
أول صورة قمت برسمها كنت في الصف السابع وهي صورة جدارية للرئيس الخالد حافظ الأسد وبدأت بعدها بالعمل ليل نهار..
لكل عمل قاعدة في الحياة.. الخطوط قمت بتعلمها بمفردي.. طبعا كان حلمي كلية الفنون ولكن لم تسعفني الظروف وقمت برسم طريقي بنفسي.. فليس كل الخريجين هم فنانون كما الواجب..
مارست أعمالي عبر رسومات عدة ولونتها بألوان تحل بالماء «الاكريليك».. حيث قمت بالرسم على جذوع الاشجار عمالقة الفنانين والمطربين كتوثيق تاريخي لهم مثل جودي واسعد.. دريد لحام.. وغيرهم من نجوم الكوميديا السورية التي ألفنا على رؤيتها بابتسامة الناقد.. فكان لها رواج رائع..
شاركت بنشاطات كثيرة ومازلت، إضافة إلى مشاركتي ببعض المهرجانات كتأبين شهداء في بيت كمونة وبيت باسط.. ورسمت على جدران المدارس ما يخص الشهادة والشهداء.. هذه التجربة ممتعة جدا وأجد فيها شكلا فريدا من أشكال الابداع وأعشق التجديد في العمل..
وحاليا أعمل في تصميم ديكورات المنازل.. وأُدرّس في معهد مجموعة من الأطفال.. لأوصل كل رسائل المحبة لهم عبر العطاء..
حتى روضات الأطفال أساهم أيضا في اظهار جماليتها بالرسومات المختلفة.
• كيف تجد العمل الفني وهل تحتاج فعلاً للدعم..؟!
•• لا يمكن دعم الفن إن لم نحبه ونحترمه ونصوره بجمالية تُلفت الاهتمام.. أما بالنسبة للعمل بشكل عام تبقى الاشياء البسيطة أقرب للعين..
فلا أقوم برسم لوحات عادية أبدا، إنما أرسم لوحات جدارية أترك فيها شيئا من محبتي للفن وللإنسانية.. وأتمنى كفنان الدعم فقط بالمواد حتى أقوم برسم المزيد ولتكن مدينتنا متألقة دوما.. فلست بحاجة إلا الدعم بالمواد لأتابع..
فيمكن اضفاء الجمالية بشكل أكبر عبر تصميم رسومات لشخصيات عالمية ادبية وعمالقة الطرب العرب وكتاب ادباء وشعراء كبار يتم توثيق تاريخهم الجميل عبر هذه الرسومات..
• هل تجد الحرية الكاملة في التعبير…؟!
•• هناك من انتقدني على هذا العمل متحججين بتخريب الشجر او الحجر, لكن هذه نقلتي النوعية في اضفاء الجمال والعطاء, وأجد من الواجب على الفنان الحقيقي المشاركة والعطاء بلا مقابل..
ليس همي ان أرسم لوحات فنية متنقلة ولكن حلمي أن أزرع الجمال في كل مكان لأشجع الناس على النظر للفن بطريقة إيجابية..
• ما هي المرحلة التي وصل إليها الفن التشكيلي..؟
•• نحن الان في مرحلة تراجع للفن نتيجة النظرة المادية والمجردة للفن،هناك نسبة من الفنانين التشكيليين الحقيقيين فعلا وليس الفن هو لوحة ومعرض.. من الواجب اعطاء الفن للناس واضفاء الجمالية لكل الأعمال..نحتاج فقط للدعم لنكون أقوى..
صحيح أنني لم أدخل كليه الفنون الجميلة ولكنني لا أعتبرها عائقا.. فالإبداع ليس بحاجة للشهادات، أما حاليا فنحن في مرحلة تراجع نتيجة النظرة المادية للعمل والظروف المرافقة أيضا..
• وما هي المدارس التي تنتمي إليها؟!
•• أقرب انا بالعمل للمدارس الكلاسيكية الواقعية التشكيلية.. الناس تحب الاشياء الواقعية ومن هنا أجد من الواجب الابتعاد عن التقليد وعن التكرار واعطاء قيمة أكبر للفن..
نحن في محافظة طرطوس لدينا فنانون قديرون ويستحقون لقب الفنان التشكيلي بحق فقط نحتاج الى التجديد في العمل وعدم التكرار..
لست عضوا في الاتحاد لأنني لست جامعيا فقط.. أتابع عملي في الأضواء ولا أجده حجر عثرة في طريقي..
في الختام
تبقى الطريقة الصحيحة لتنشيط الحركة الفنية لدينا هو الدعم والتجديد وايجاد من يحظى بالثقة للعمل لا أن يكون هناك نزلاء على الفن التشكيلي وعلى قيمه الحضارية التاريخية..
يمكننا دوما التوثيق وتسجيل التاريخ كصور الشهداء وكل ما يمت للحضارة بصلة.. من شخصيات ومن رموز تعبر وتدل على الشهادة والشهيد.. وإظهار جمالية ساحلنا الراقي.. بعيدا عن الإرهاقات والهرطقات التي عبثت بها الحرب.. لنسجل فيها ناتجا حقيقيا من الجمال والابداع والصمود..
بشرى حاج معلا
التاريخ: الاثنين 4-11-2019
الرقم: 17114