الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
ما الذي سيبقى من الفنون في عالم توحش الصورة والمادة؟
أصبحت المعارض الفنية موجودة على الشبكة العنكبوتية، وخسر الإنسان طقوس الذهاب إلى الصالات. تحولت اللوحة إلى صورة نقطية، تتبع دقتها نوع الشاشة وحداثتها. ومع تراكم الصور، لا يعود للوحة أي رونق. إنها الآن صورة لا تملك أي روح يمكنها التحليق في فضاء المكان.
لم يقف الأمر عند الفن التشكيلي، بل إن العالم الافتراضي، استطاع أن يستولي على كل الفنون، وأصبح بإمكان أي قليل الموهبة أن يعتبر نفسه شاعراً، ولا يحتاج الأمر إلا إلى بعض إشارات التعليق والإعجاب على الكلمات المنشورة. إضافة إلى أن تناسل الشعراء في العالم الافتراضي، أهدر القيمة الحقيقية للشعر. إنه عالم محكوم بالإعجاب والتراضي، وليس بالجمال والموهبة.
باستطاعة أي شخص يشعر بالملل واللاجدوى أن يصبح شاعراً أو قاصاً، أو حتى مفكراً –بالنسبة إلى نفسه طبعاً – وهو ليس بحاجة إلى أحد كي يسميه كاتباً، لأن هذا العالم الشاسع، يستوعب الجميع، ولا يتجرأ أحد على أن يقدم نقده، حتى لو كان النقد إيجابياً، لأن مصير الناقد في الفضاء الأزرق لا بد أن يكون مصيراً مأساوياً.
يتم الآن تدمير العالم عبر تدمير فنونه كافة، ويقوم رهط من عبيد المادة بإمساكه من يده ودفعه إلى قبره المحتوم. عالمنا يسير إلى حتفه، ويكون تابوته عبارة عن شاشة زرقاء بلا قلب ولا مشاعر.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء5-11-2019
رقم العدد : 972