الترجمة وجســـور التـــواصل

 

الشاعر الإنكليزي الشهير» روديارد كبلينغ», وهو الذي عاش عصر سطوة الإمبراطورية البريطانية على أجزاء واسعة من العالم, يعد هذا الشاعر, أول أديب أوروبي يطلق فكرة استعلاء الغرب على الشرق, وقد لخص فكرته هذه بنظرية شهيرة قال فيها: (الغرب غرب, والشرق شرق, ولا يلتقيان).
لقد جسدت هذه النظرية وقتها نظرة الاستعلاء الغربي عموما على الشرق والرؤية الدونية له باعتباره (بزعمهم) أوطانا وأمما خاوية خالية من الحضارات والثقافات..
وهي حالة لطالما كانت سائدة في الغرب الذي كان ينظر إلى الإنسان الآخر في الشرق نظرة أحادية من جانب واحد.
لقد سقطت هذه الرؤية فيما بعد على أيدي الأوروبيين أنفسهم, عندما بدأت تتكشف لهم حضارات وثقافات الشرق, التي أسفرت عن أسرارها وعلومها العميقة والدفينة, ثم مالبث العالم كله – ومنه الشعوب الأوروبية – وإن أدرك المساهمة الفعالة لحضارات وثقافات الشرق, في سيرورة الحضارة الإنسانية وتركيبتها ودورها الإيجابي فيها.
فالهجرات المتوالية – برأي المفكرين في الغرب والشرق – جعلت من تمازج الأعراق بين شعوب الأرض أمرا واقعا لم تستطع الحدود والأسوار أن تعزله وتفصله, والحقيقة التي يعترف بها هؤلاء المفكرون من هنا وهناك على حد سواء هي أن الغرب لم يعد غربا خالصا, كما أن الشرق لم يعد شرقا خالصا.
إلا أن الصراع التقليدي بين الشرق والغرب لم ينته رغم هذا الاعتراف الصريح, ولعل هذا الصراع نفسه, هو الذي كشف عن الضرورة إلى المعرفة والتعارف والتواصل وانفتاح الشعوب على نفسها وعلى بعضها.
من هنا تتضح أهمية الترجمة والمترجمين, فقد كانت الترجمة – ولم تزل بالطبع – الوسيلة المثلى لإرساء التفاهم والتواصل وتعزيز الانفتاح بين الشعوب والثقافات.
لقد كان للمترجمين العرب الدور البارز على هذا المسار, ويعد «اسحاق بن حنين», أول من شق هذا الطريق الطويل, عندما قام بترجمة كتاب «ارسطو», الذي أثرى الثقافة العربية وجعلها منفتحة على الثقافات العالمية.
وقد لعب المترجمون العرب دورا هو الأهم الذي مكن الدولة العربية في أوجها من التعامل مع مختلف شعوب الأرض.
والحقيقة أن المترجم هو ذلك الإنسان الحي الذي يفني معظم عمره وهو ينقل أفكار الآخرين بأمانة, وهو صاحب المجهود الهائل, ومع ذلك فإن دوره واسمه بقي خفيا إلا في هوامش متفرقة هنا وهناك في طيات وصفحات الكتب والأبحاث, وعادة مايذكر اسمه بعيدا عن أماكن الاهتمامات وفي سطور نائية لا تلفت نظر أحد, بخلاف المؤلفين والباحثين, حيث تحتل اسماؤهم الصفحات الأولى دوما.
ولعل أفضل تشبيه للمترجمين, هو أنهم كالفحامين في السفن القديمة الذين يعدون الوقود للمراجل الضخمة فيها ويقدمونه من دون أن يراهم أو يشعر بقيمتهم أحد من المسافرين حول العالم.
ولكن فضل المترجمين يبقى غاليا وثمينا في إثراء الحضارة العربية منذ أن رأت النور, وإلى اليوم, فهم وسيلة ذات أهمية كبرى في المعرفة ونقل الثقافات من الشعوب وإليها.

 

عبدالمعين محمد زيتون
التاريخ: الجمعة 6-12-2019
الرقم: 17140

 

 

آخر الأخبار
سوريا تستقبل العالم بحدث مميز تفاقم الانتهاكات ضد الأطفال عام 2024 أكثرها في فلسطين جناح وزارة المالية ..رؤية جديدة نحو التحول الرقمي خطوط جديدة للصرف الصحي في اللاذقية  رغيف بجودة أفضل.. تأهيل الأفران والمطاحن في منبج معرض دمشق الدولي.. الاقتصاد في خدمة السياسة قافلة مساعدات إغاثية جديدة تدخل إلى السويداء "دمشق الدولي".. منصة لتشبيك العلاقات الاقتصادية مع العالم رفع العقوبات وتفعيل "سويفت ".. بوابة لانتعاش الاقتصاد وجذب الثقة والاستثمارات سوريا تستعد لحدث غير مسبوق في تاريخها.. والأوساط الإعلامية والسياسية تتابعه باهتمام شديد سوريا تحتفي بمنتجاتها وتعيد بناء اقتصادها الوطني القطاع الخاص على مساحة واسعة في "دمشق الدولي" مزارعو الخضار الباكورية في جبلة يستغيثون مسح ميداني لتقييم الخدمات الصحية في القنيطرة معرض دمشق الدولي.. انطلاقة وطنية بعد التحرير وتنظيم رقمي للدخول برنامج الأغذية العالمي: المساعدات المقدمة لغزة لا تزال "قطرة في محيط" "المعارض".. أحد أهم ملامح الترويج والعرض وإظهار قدرات الدولة العقول الذهبية الخارقة.. رحلة تنمية الذكاء وتعزيز الثقة للأطفال وصول أول باخرة من أميركا الجنوبية وأوروبا إلى مرفأ طرطوس شهرة واسعة..الراحة الحورانية.. تراث شعبي ونكهات ومكونات جديدة