تنتشر الأمراض الوراثية وبكثرة فيما بيننا دون أن نعي أو نعرف كيفية تداركها قبل ان تصيبنا او تصيب ابناءنا ،كما يصعب التعرف عليها ..او ما هو سببها ما هو علاجها .. وهل تحتاج إلى فحص ..ومتى؟؟؟
الدكتور محمد علي العجلوني استاذ الأمراض الوراثية بجامعة دمشق يقول إن المرض الوراثي هو عبارة عن خلل في الجينوم (المادة الوراثية )أو الحمض النووي وهذا الخلل قد يحصل على مستوى أصغر مكون في المادة الوراثية يسمى (نيكلوتيد )واحد كما يحدث في التلاسيميا والمنجلي او على عدة نيكلوتيدات . ممكن أن يكون الخلل على مستوى جزء من صبغي كالداون وقد يحصل صدفة عند الأهل أي غير موروث كما يمكن أن يكون موروثاً مع أحد الوالدين أو كلاهما .
يقول الدكتور العجلوني :في المرض الوراثي يوجد ناقل سليم ،ويوجد مصاب ،حيث إن المرض الوراثي ليس شرطا أن يظهر منذ الولادة ..ممكن أن يظهر بالأيام الأولى للمولود أو بعد أشهر أو سنين أو أن يصل الإنسان الى 20او 30 سنة وما بعد مثل مرض هنتنغتون وهو مرض نفسي يظهر بعد عمر الثلاثين فما فوق يعاني المريض فيه من تراجع القدرة الحركية والتراجع العقلي والكآبة وصعوبة باللفظ وحالات كآبة يكون الانسان طبيعياً لا يعاني من اي أعراض ..فجأة تبدأ حالته بالتراجع .
وبين أن أمراض السرطانات أساسها خلل جيني تظهر مع تقدم العمر فكلما كبر الإنسان هناك امكانية لأن يتعرض للإصابة بالسرطان منها الثدي والكولون ،وهذا بالتأكيد مرض وراثي لكنه ليس موروث وهو خلل جيني يدخل في تعريف المرض الوراثي .
الامراض الوراثية نسبتها من 3 الى 10 ٪
ولفت الدكتور العجلوني أن الأمراض الوراثية موجودة بالمجتمع عادة بين ثلاثة الى عشرة بالمئة بشكل عام كما يمكن أن يزيد انتشارها في المجتمعات المغلقة فتصل الى خمسة عشرة بالمئة وهذا أمر خطير جدا.
تصنيفها
كما تصنف الأمراض الوراثية بشكل عام أنها أمراض جينية بسيطة تقليدية مثال التلاسيميا وداء المنجلي وحمى البحر الابيض المتوسط وداء الكيسي الليفي وهي يقال عنها سائدة متنحية.
عادة يكون الوالدين حملة للمرض وقسم آخر يكون أحدهما مصاب مثل متلازمة مارفا يكون الأب أو الأم مصاب وله شكل معين وهو أن الذكر بشكل عام يكون طويلاً و نحيفاً، عنده مشكلة عينية وايضا مشكلة بالقلب خطيرة مرافقة لما قبلها .
ويقول الدكتور عجلوني ان الصنف الثاني هي الأمراض الصبغية ،عادة الوالدان سليمان والمرض يحصل صدفة عند الوالدين وعند الأطفال أمثلة على المرض الصبغي متلازمة داون كلان فلتر.. و ترنر.
مرض كلان فلتر اخطر ما فيه العقم وهو مرض يصيب الذكور، وترنر يصيب الإناث بالعقم وقصر القامة .
ومرض الداون أخطر ما فيه التخلف العقلي ومرض القلب ، فيما الصنف الثالث من الأمراض الوراثية هو جيني متعدد مع عوامل اخرى غير جينية متل التدخين وبعض العوامل الغذائية والحالة النفسية ممكن أن تلعب دوراً والأمثلة عليه السكري نمط أول ومرض الضغط والربو والأكزيما، وصنف آخر آفات القلب الخلقية المعزولة كوجود فتحة بالقلب أو شفة الأرنب أيضا مرض متعدد العوامل وهي مشوهة . منوها أن الأمراض الوراثية هي نوعان يقول الدكتور العجلوني أنها تنقسم الى مشوهة وغير مشوهة ،والمشوهة منها تسبب نسبة كبيرة من وفيات الاطفال تحت خمس سنوات وقد تصل الى20بالمئة او 30 بالمئة بسبب التشوهات المميتة مثل آفات القلب الخلقية وفتحات الظهر ..هذا تشوه خطير يسبب الوفاة.
وذكر العجلوني أنه لا يوجد علاج شاف غالبا لهذه الأمراض فعلاج الأمراض الوراثية حالة صعبة إلى حد ما إذ لا يوجد دواء واحد لأنه من المعروف أن الامراض الوراثية قد تصيب عدة أجهزة داخل جسم الانسان لذلك نجد التداخل على المريض يحتاج الى عدة اختصاصات .
وتشكل الأمراض الوراثية أيضا عبئا اقتصادياً ونفسياً واجتماعياً على الفرد والدولة لأنها مزمنة تصيب عدة أجهزة غالبا معقدة وكل مرض له علاج خاص به وحده لكنه بالتأكيد ليس شافيا لهذا المرض فمثلا التلاسيميا علاجه هو نقل الدم ،وهذا ليس بعلاج إنما تخفيف الأعراض وملطف للمريض.
و يقول الدكتور العجلوني أنه من الهام جدا تعزيز دور الاستشارة الوراثية وتدريب مختصين أطباء وغيرهم من أهل الاختصاص على اعطاء الاستشارة الوراثية للمرضى .
وفيما يتعلق بالاستشارة الوراثية الهامة ومتى تصبح مطلوبة نوه أن الاستشارة تصبح هامة جدا قبل الحمل فالأنثى التي يبلغ عمرها 35 فأكثر فلا بد من أن تجري استشارة وراثية.
و يبين الدكتور العجلوني ان الاستشارة الوراثية يقوم بها الأهالي عادة عند الخوف من أن يصاب الجنين بمرض وراثي، فمثلا الحامل لديها اجراءات مخبرية اشعاعية لكشف بعض الأمراض من خلال مواعيد محددة بالحمل تقوم بتحاليل نوعية تكشف المرض الوراثي المبكر في الجنين ،فمثلا يقول د العجلوني انه في الاسبوع 12 والاسبوع 16 من الضروري ان تجري الام تحاليل للامراض الوراثية خاصة عندما يكون بحالة احد الزوجين حالة مرضية وراثية ما ، فعندما يكون عند الأم ولد مصاب بمرض وراثي كمرض الداوون أو التلاسيميا،فمن الضروري فحص الأخوة الذين ستحمل بهم من بعده لانهم يكونوا حملة أو ناقلين للمرض .
ومن الأسباب التي تحد من انتشار المرض الوراثي يقول :د. العجلوني أنه من ممكن التخفيف من زواج الأقارب ما أمكن لأنها أحد أسباب زيادة الأمراض الوراثية، كما أنه من الممكن عمل تشخيص على الجنين لكشف المرض قبل الولادة ،طبعا هناك قوانين لا تسمح بإنهاء الحمل على الإطلاق مهما كانت حالة الجنين ويكون الإنهاء في حالات الجنين الخطيرة بشكل شخصي من قبل الأبوين أنفسهم.
أيضا يتم إجراء استشارة ما قبل الزواج في حال اكتشفوا أن الأب أو الأم حملة أو عندهم مرض وراثي بالتحليل ظاهر و الطبيب أكد مرض الوالدين بشكل واضح لكنه مع ذلك كله لا يتم منعهم من الزواج وبذلك يكون التحليل بشكل شكلي فقط أي تتمة أوراق مطلوبة للزواج دون الأخذ أو العمل بنتائجها، لذلك بالنهاية فإننا نجد أن لا فائدة مرجوة منه سوى أنه من ضمن أوراق الزواج المطلوبة .
استشارة ماقبل الزواج
ويوضح الدكتور العجلوني أن استشارة ما قبل الزواج هي مهمة جدا باعتبارها لا تكشف هذه سوى مرضين اثنين فقط هما مرض التلاسيميا والمنجلي حصرا مع أنه يوجد خمسة آلاف مرض وراثي ممكن أن ينتقل الى الأولاد من أبويهم .
وتمنى العجلوني زيادة عدد المعاهد الخاصة وزيادة التأهيل والتدريب للقائمين على هؤلاء المرضى وزيادة الإمكانيات في المشافي والتدخل المبكر عن طريق التشخيص على الجنين،لافتا أننا نحتاج للكشف عن الأمراض الوراثية الى امكانيات عديدة منها امكانيات التشخيص الجزيئي وجلب التقانات الحديثة واجراء مسح العدوى الوراثية في سورية لمعرفة المشكلة واجراء التوعية اللازمة كما يجب إجراء المسح عند الوالدين للتأكد من الأمراض الموجودة منها قصور الدرق الخلقي و في هذا المرض يستفيد المريض على العلاج المبكر فقط .
و يؤكد ان الامراض الوراثية تنتشر وبكثرة خاصة في الأرياف على الأكثر بسبب تزاوجهم من بعضهم البعض .
ولا يوجد اهتمام كبير في الأمراض الوراثية لأنه مرض معقد والتعامل معها صعب جدا .
فاكتشاف وطريقة التحليل هي نفسها الدخول الى برنامج للكائن الحي،وكم يحمل من تعقيد .
ونجد انه كلما يزداد العلم وتتطور الحياة تزداد الصعوبة أكثر واكثر، وبين الدكتور العجلوني انه في الدول الأوروبية كل مخبر يتعامل إما مع مرض أو مع مرضين فقط .
اما نحن لا يوجد عندنا سوى الكشف عن اربعة او خمسة امراض فقط في كل سورية عندنا أمراض وراثية بالآلاف .
مخابر في سورية
وأضاف العجلوني أنه يوجد بعض المخابر في سورية مثل مشفى الاطفال، مخابر هيئة الطاقة الذرية قسم الوراثة البشرية تجري بعض التحاليل حوالي ثلاثة او اربعة امراض فقط ، ومخبر البحوث والاستشارات الوراثية بكلية الطب البشري بجامعة دمشق يجري بعض التحليل لبعض الامراض الوراثية.
ولا يمكن لمخبر واحد ان يجري كل التحاليل لكافة الامراض الوراثية، كل مخبر يختص بمرض او اثنين لا اكثر،و الشائع بالأمراض الوراثية هي خلل في الصبغيات هذا كان منذ زمن،أما اليوم توجد تحاليل جزيئية لها طرائق متعددة تحتاج الى مختصين ومتدربين، والتدريب ممكن لكنه مكلف ويحتاج الى بعض التجهيزات ،والى قسم منها متوفر في سورية واخر غير متوفر
ميساء العجي
التاريخ: الخميس 2- 1 -2020
رقم العدد : 17160