« ٢٠٢٠»

 

 

 

عام جديد أصبحنا نتحرك في مساحاته التي بدأت بالاحتفالات من كل الأنواع، والأشكال في مختلف بقاع الأرض.. وصيحات الفرح، والابتهاج تنطلق مع الأسهم النارية، والأضواء الليزرية، والزينات الملونة، والتي قد لا تنتهي في امتدادها مع العوالم الافتراضية التي يعيش البعض من خلالها بمساعدة الأجهزة الذكية لتكون هي نافذة الاحتفال، والاستقبال لهذا الجديد القادم.
عام جديد لا نعرف ماذا ينتظرنا فيه من مفاجآت، ونحن نحشد التوقعات، وقراءات الأبراج، وكل ما يمكن أن يرسم لنا صورة مشرقة لتلك الأيام القادمة، والتي بدأت بالرقم واحد.. وكأننا أمام خزانة أسرار لا تفتح أبوابها إلا بالتوافق مع أرقام الأيام.. ومع هذا، ولو كنا لا ندري ما هو القادم إلينا خيراً كان أم شراً إلا أننا ورغم كل ذلك نظل نشحن أنفسنا بالآمال العريضة لما سيحمله هذا العام لكل أحد من أوقات سعيدة.. وبينما الفضول يأخذنا يمور العالم من حولنا بالإثارة والمتعة بآن معاً، ويجرفنا بالتالي معه الى آفاق جديدة لا تعبر عن تفوق الذكاء البشري فحسب بل تلتمع وتمتلئ بالابتكار، والاختراع لكل ما لم نكن لنحلم يوماً بأنه سيصبح حقائق على الأرض، وبين أيدينا نلعب، أو نلهو بها كما نشاء بفضل الثورة الرقمية التي تكشف يوماً بعد يوم عن إمكاناتها الهائلة.
ولكن.. ورغم كل هذا التفوق البشري.. أتساءل وربما بسذاجة كثير من مواليد القرن العشرين، وليس القرن الحادي والعشرين ونحن نحتفل كما في كل عام بقدوم سنة جديدة تضيف رقماً الى ذاكرة التاريخ: الى أين يخطفنا التفوق البشري في علومه من الحفاظ على مشاعر الإنسان، وانتمائه الى هذا الجنس البشري.. أين العاطفة التي كانت تغلف حياتنا ببساطتها قبل أن تجترحها آلة المعاصرة بقدراتها اللامحدودة؟
عوالم من التآلف تختبئ في زوايا أيامنا.. ونستطيع أن نعزف عليها ولو بأطراف أصابعنا.. على الأقل كي نثبت لأنفسنا أننا رغم كل ما يحيط بنا من تقدم تقني تعدنا به السنة الجديدة لم نتحول تماماً الى الآلات، أو أناس آليين نتحرك بالأزرار.
ألم يكن أحدنا يقطع المسافات البعيدة في حر أو برد حتى يلتقي بأحبائه؟.. فأين نحن الآن في الألفية الثالثة من تلك المبادرات المغلفة بالعاطفة ونحن نحمّل أزرار أجهزة صغيرة لا تفارقنا، وأرقاماً تصلنا بمن يقع عند الطرف الآخر من عواطفنا، ومشاعرنا.
أين لقاءاتنا الحميمة في زوايا بيوتنا المشعة بدفء اللقاء ذاته.. أين هي من تلك المطاعم المكشوفة، أو المغطاة لا فرق التي نقيم فيها احتفالاتنا بين عام وعام حيث تضيع مشاعرنا فيها وسط الصخب الذي يلف أرجاءها، وضجيج الأصوات الذي ينبعث منها؟
أين أزاهيرنا، وورودنا وهي تتفتح في أرضها، ومواقعها الطبيعية من تلك الورود الصناعية والمنسقة، والتي أصبحنا نتبادلها بيننا بكثير من الجفاف حتى في أعياد هي للاحتفال والابتهاج، واستقبال أيام جديدة.. وربما للحب أيضاً.
فلماذا لا يكون التواصل مع هذه الخيوط السحرية قائماً، ومستمراً لا يتوقف في الألفة والمحبة بحيث لا نقطعها بأيدينا دون مبرر من خلال تواصل وهمي بين بعضنا بعضاً.. إذ ليس التواصل بين قارة وقارة كما التواصل بين حارة وحارة، أو بيت وبيت.. فالأول يمنحنا العذر، أما الثاني فلا عذر لنا فيه.. وما دامت الحضارة تسوقنا الى أن نكون معلبين، ومبرمجين هكذا دون اتساق، أو اتفاق فإن علينا ألا نفقد تلك الينابيع الجميلة، والعذبة التي تمنحنا قطرات من الحياة الحقيقية، وخاصة في مجتمعاتنا العربية.
لينـا كيــلاني

التاريخ: الجمعة 3- 1 -2020
رقم العدد : 17161

 

آخر الأخبار
بين القرار والصدى ..المواطن يشد أحزمة التقشف الكهربائي الاستثمارات السعودية في سوريا.. بين فرص التعافي وتحديات العقوبات المركزي قدم أدواته .. لكن هل نجحت بضبط سعر الصرف؟ من الإصلاح الداخلي إلى الاندماج الدولي... مسار مصرفي جديد متدربو مدارس السياقة بانتظار الرخصة انضمام سوريا المرتقب إلى التحالف ضد "داعش".. مكاسب سياسية وأمنية الدفاع المدني يُخمد حريقاً كبيراً في الدانا ويحمي المدنيين من الخطر عودة الدبلوماسيين المنشقين.. مبادرة وطنية تساهم بإعادة بناء الوطن إغلاق معمل "الحجار" يعود لارتفاع التكلفة وضعف الكفاءة التشغيلية إلزام المنتجين بتدوين سعر البيع للمستهلك ..هل يبقى حبراً على عبوة ؟!    المراكز الزراعية.. تحديات الرواتب المنخفضة وفوضى المدخلات تهدد الأمن الغذائي التحليل الإحصائي للبيانات يعزز استقرار النظام المصرفي حرق النفايات حلّ.. في طياته مشكلات أكبر بين الإصلاح والعدالة طفرة الذكاء الاصطناعي هل تنتهي ؟ التغذية والرياضة..لتجاوز سنّ اليأس بسلام وراحة مؤسسة بريق للتنمية ..دعم مبادرات الشباب واليافعين والمرأة كيف يشعر الإنسان بالاغتراب في المكان الذي ينتمي إليه؟ مبادرات مجتمعية تنهض بالنظافة في حي الزاهرة بدمشق التضليل الإعلامي.. كيف تشوه الحقائق وتصنع الروايات؟