من بلد طالما تغنينا ببطولات أبنائه، أبطال حرب التحرير الجزائرية، وكثيرا ماعقدنا العزم أن تحيا الجزائر وكان لها النصر، من الجزائر بلد المليون شهيد جاء يوسف شقرة رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين يحمل بين ضلوعه كثيرا من المحبة والعرفان بالفضل لسورية التي عشق وعمل من موقعه كنائب للأمين العام للاتحاد العام للكتاب العرب أن يعيد سورية لمقعدها في الجامعة العربية، وفي حديث خص جريدة الثورة به يقول: هناك منطلقات اعتمدها اتحاد الكتاب الجزائري لتحقيق التضامن العربي وإعادة الاعتبار لسورية والعراق في الجامعة العربية، والمنطلق الأول هو إحساسنا العميق ببلدين شقيقين والوحدة العربية التي تجمعنا، والمنطلق الثاني هو إحساسنا بالظلم الذي سلط على المبدعين والكتاب ومحاسبتهم على سياسة بلدانهم وهم لم يكونوا طرفا فيها أو من واضعيها، فإذا كان الكاتب لاحول ولاقوة له في دخول أمريكا إلى العراق، فلماذا نعاقب الشاعر والمبدع العراقي مثلا.
ومن هذا المنطلق كان دفاعنا عن سورية و العراق، والحمدلله تضامن معنا كثير من الدول وامتنع آخرون ولكل وجهة نظر، ولكن كانت الغلبة لنا، لأننا أصحاب قضية صادقة، والانتصار دائما للصدق والصفاء والمحبة.
ولابد أن أؤكد وأنا نائب الأمين العام للجامعة العربية ومصدر من مصادر القناعة على أننا يجب أن نمتلك الشجاعة، فقد كنت طرفا في الموضوع عندما كانت سورية مجمدة وناضلت وأعدتها، وليس فخرا وإنما واجبي أديته وأعدنا مقعد سوريا، وستكون سورية بالاجتماع القادم معنا، واقفة مناضلة بكل كبريائها واعتزازها وكل عزتها وكرامتها.
وعن دور المثقف في دعم قضايا الوطن الكبرى يقول: المبدع في حد ذاته والشاعر أنموذجا، ماذا يكتب؟ فالشاعر يكتب قصائد، وفي ثنايا هذه القصائد حب وصدق، فإذا كتبت عن الحب والصدق والصفاء وعن المقومات الحضارية الإنسانية، ومن ثم بعد ذلك أمارس مايعاكس ذلك فهل نقول: إن هذا المبدع صادق، هل نقول: إن كتابته تدل عليه، أعتقد أن هناك نفاقا في الكتابة، وهذا النفاق يزول مع المرحلة وما يبقى هو الصدق.
وأعتقد أن المبدع الحقيقي هو شريك في الهم الوطني أينما وجد، ولايمكن أن يختلف إن كان عمانيا أو ليبيا أومصريا أو سوريا أو جزائريا وإن اختلفت القيادات.
والمثقف بالنسبة لي يجب أن يكون المرآة الحقيقية لواقع الأمة والاستشراف بالمستقبل كأنه المنبه، ينبه السلطة إلى الاحتلالات وإلى ماسيقع لأنه الأكثر إحساسا ودقة، وبالتالي يكون الركيزة أو المساعد لهذا السياسي أو الإداري.
وفي تقييمه للمشهد الثقافي في سورية يؤكد بالقول: المشهد الثقافي في سورية أعرفه منذ كنت طفلا صغيرا، فقد كان أساتذتي سوريين يدعموني بالكتب والمجلات والكتب، وحقيقة ليس مثلي من يتكلم عنه، بل يحتاج الأمر إلى مفكرين ونقاد حتى يعطوا الصورة المكتملة، أما أنا فمعجب بهذا المشهد وقارىء له.
ويخاطب السوريين قائلاً:
اهتموا بوطنكم وببناء علاقة واعية صحيحة وقوية لايمكن اختراقها، لأن عدو الأمس هو عدو اليوم ولكن بشكل ولون آخر يتلون كالحرباء ليجذب الأتباع من ضعاف النفوس وضعاف الفكر ويستغلهم في قضايا دنيئة.
سيرته الذاتية
يقول في سيرته الذاتية: أنا من مواليد مدينة عنابة وسليل سيدي خالد، والدي رجل علم وتفسير للشريعة وله العديد من الدراسات ودرس في جامعة الزيتونة واستقر في مدينة عنابة ليدفن فيها بعد ذلك، وكانت دراستي في هذه المدينة التي أعطتني كل شيء وخصوصا الثقافة من خلال الأساتذة الكرام في البعثات التعريبية للجزائر من «سورية، العراق، الأردن، مصر..», لكني أدين لسورية بتكوين موهبتي وصقلها، فقد تبناني أدبيا الأب الروحي أستاذي أحمد سعود من حمص وهو مايزال يقيم في الجزائر، فقد كان يجمع الأساتذة والشعراء الكبار ممن كانوا يدرسون في الثانوي والجامعة في بيته بما أطلق عليه «القعدة» حسب التعبير الجزائري «الصالون الأدبي».
كان يزودني بالكتب والمجلات والمؤلفات الأدبية وكان يصوب ماأكتبه من الشعر لألقيه على مسامع الشعراء والكتاب ويقول: سيسمعكم ابني نصا شعريا، وكنت وأنا الصغير المتلعثم الذي لايتقن اللغة يحاول ويجتهد عندما ألمح التشجيعات في نظرات هؤلاء الأساتذة.
سورية هي القلب والعشق الأول، ودفاعي عنها في المحافل الخارجية والعربية باستماتة المقاتل، ليس من باب رد الجميل، وإنما يعود لموقف إنساني وموقف فكري أيضا، لأن سورية هي بلد الحضارة الإسلامية علمت العالم الكثير من المواقف، وكانت مع الجزائر دوما جسما واحدا في جبهة الصمود والتصدي، فكيف لاأكون إلا مقاتلا في الصفوف الأولى؟
من مؤلفاته «طقوس النار والعطر، نفحات لفتوحات الكلام، أحلام الهدهد، المدارات، الإقامات واليوسفيات..».
ومن شعره نقتطف:
قالت سيدة البحر: كانت ترتشف قهوتنا المسائية..
تلوح للذي أدمى سعف النخيل البري..
ياأيها القادم من وهج الرمل
إلى غسق الدجى والأنين، زهرة الروح..
الأخيرة، خطوط الرحلة طولا وعرضا..
حكايات ياسمين
مابك أيها المتمرد؟ مابين الموج
وخطوب الرمل المدمج والدخان، تبحث عن راحلة.. لاتحمل أسفار الرعشة الأولى
أيها المتمرد الذي ساومه البحر عن زرقته..
فصده وأوصد أبواب المدينة في وجهه الضحوك
وراح يضرب الموج بعصاه
فما أمطرت مثلما وعدت، ولكن كلمت الناس في المهد
وقالت: أنا الطوفان.. أنا الطوفان
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الخميس 9-1-2020
الرقم: 17164