إذا كان الإصلاح الإداري أحد مداخل الإصلاح الاقتصادي، فإن ثمة شروطاً لنجاح عملية الإصلاح التي لا تنجح فقط من خلال التشريعات والقرارات، وإنما تنجح من خلال المؤسسات والعمل المؤثر الذي تقوم به المؤسسات المعنية، ومن خلال التطبيق والتنفيذ الفعلي لمضمون القرارات التي تصدر.
من هنا يمكن السؤال عن نتائج المشروع الوطني للإصلاح الإداري، وكل ما صدر من قرارات وتوصيات وبرامج عمل تم الإعلان عنها؟ وفي محاولة لمتابعة وقائع العمل في عدد من المؤسسات العامة حاولنا أن نسأل عن بعض الأمور التي تدلل على وجود مؤشرات على البدء الفعلي بتطبيق القرارات المتعلقة بالإصلاح الإداري، فماذا كانت النتيجة؟
سألت مدير مؤسسة: هل لديكم مركز للقياس والدعم الإداري؟ فكان الرجل مثلي ينتظر جواباً هو الآخر! وسألت مديراً آخر ماذا يعني مرصد الأداء الإداري؟ وكان الرد أنه لم يسمع به!! وكذلك الأمر بالنسبة للسؤال عن مركز خدمة الكوادر البشرية وعن خارطة الموارد البشرية.
ماذا يعني ذلك؟
بكل وضوح: يعني أن هناك فجوةً كبيرةً بين النظرية والتطبيق، ولا بد من إغلاق هذه الفجوة ببناء الوعي أولاً، من خلال نشر ثقافة الإصلاح، وقبل ذلك أن تكون الكوادر والقيادات الإدارية الموجودة في المؤسسات والدوائر الحكومية بصورة القرارات التي تصدر بهذا الخصوص ومضامينها.
ولعل من المفيد هنا التذكير أن المشروع الوطني للإصلاح يعتمد على محاور عدة أولها خلق منهجية واحدة ومتجانسة لكل المؤسسات عبر مركز يسمى مركز القياس والدعم الإداري، يقوم بوضع الهيكليات والتوصيف الوظيفي وإيجاد آليات لقياس الأداء والأنظمة الداخلية للمؤسسات وقياس الإجراءات بين المواطن والمؤسسات أو داخل المؤسسات أو فيما بينها، وقياس رضا المواطن والموظف ويشمل المشروع أيضاً مرصد الأداء الإداري، وهو بنية إلكترونية بالدرجة الأولى وأحد أهم مهامها متابعة تطبيق المؤسسات للمعايير التي ستوضع من المركز بما يسمح في النهاية بتقييم وضع كل مؤسسة، ويتضمن المشروع الوطني للإصلاح الإداري أيضاً مركز خدمة الكوادر البشرية، مهمته وضع خارطة للموارد البشرية، المشروع يشمل أيضاً تأسيس موقع إلكتروني بهدف التواصل مع المواطنين وتلقي مقترحاتهم وشكاويهم أو تقييمهم لمؤسسة ما لتكون العملية بذلك أكثر شمولية ويشارك فيها الجميع.
خلاصة القول: هناك فجوة بين المؤسسات والمواطنين ولابد من إغلاق هذه الفجوة وإيجاد أقنية بينها وبين المواطنين وتعزيز الثقة بمؤسسات الدولة، وهذه الثقة لا يمكن أن تأتي إلا من خلال الشفافية الكاملة مع المواطن، وغير ذلك يجعلنا نبحث عن الإصلاح الإداري ولا نجده.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 14- 1 -2020
رقم العدد : 17168