نهج الولايات المتحدة العدواني أدّى لإغراق شعوب المنطقة بالحروب والاغتيالات والدماء، وهذا يحملها مسؤولية التبعات، وبات خروج قواتها المحتلة مؤكداً، كرد طبيعي على عربدتها، وخطأ حساباتها الناتج عن معادلات حكامها المحكومين بالأطماع والتوسع، لن تقتصر آثاره السلبية على واشنطن وحسب، بل ستمتد إلى من تسميهم حلفاءها في العالم، بينما هم في الحقيقة ليسوا إلا مجرد وكلاء وتابعين لفوضاها المنتشرة في كل مكان.
أميركا ربما وجدت قبل سنوات من يؤيد سياستها الرعناء، إما خوفاً من بلطجتها، أو بحثاً عن فتات قد تتركه لهم على طاولات المقامرة والتآمر، لكن الوقت لن يطول كثيراً كي تجد نفسها وحيدة دون أي مؤيدين، بعد أن يدرك أتباعها أنهم مجرد أصفار على اليسار لن تؤثر في التوازنات، وأدوات قد تنتهي صلاحيتها في أي وقت.
وفضلاً عن شحذ أنيابها تجاه سورية وإيران والعراق، وغيرها من الدول الرافضة لهيمنتها، وارتكابها الجرائم تلو الأخرى بحق مواطنيهم عن سبق الإصرار والترصد، تواصل تحريض الكيان الصهيوني لحمله على تصعيد اعتداءاته وعدوانه على المواقع السورية، لظنها أنه قد يردّ لها جزءاً من اعتبارها نتيجة هزائم إرهابييها، أو يجبر انكساراتها التي تواجهها في أروقة التفاوض والمباحثات التي تجري بين الحين والآخر لإيجاد حل سياسي للأزمات الكثيرة التي افتعلتها في المنطقة.
منذ أن غزت العراق عام 2003 ودمرته، والولايات المتحدة تغرق في الأكاذيب، وتختلق التقارير المفبركة المبنية على معلومات استخباراتية ملفقة، الهدف منها تنفيذ الخطط العدوانية المعدّة لتخريب الدول، وهي اليوم تستمر باختلاق الذرائع والمبررات لاحتلال تلك الدول ونهب ما تبقّى من ثرواتها، وما تكثيفها إرسال المزيد من المعدات والأسلحة إلى أماكن انتشارها في الجزيرة السورية وقرب حقول النفط، بالإضافة لإعادة توزيع إرهابيي «داعش» وفلولها على العديد من الساحات لمواصلة التدمير والإرهاب وإشعال الحروب والفتن إلا لبلوغ تلك الغاية، غير آبهة بعواقب إدخال المنطقة بمزيد من التعقيدات وأبواب التصعيد التي تلتهب عتباتها.
بالنتيجة لن تسلم أميركا من إيغالها وإمعانها بالعدوان ودعم الإرهاب، وفرض العقوبات والحصار على الرافضين لسياستها، لأن النيران التي سوف تشتعل مجدداً لن تكون بعيدة عن مصالحها، وأماكن وجود قواتها المحتلة، وكل ما يفعله رئيسها لتحسين سجله الانتخابي، والتهرّب من إجراءات العزل التي تلاحقه وتتفاعل كل يوم لن يفيده بشيء، ولاسيما إذا علم أن لعنة غزو الدول الآمنة والعبث بأمنها وعلى رأسها سورية والعراق، والتحريض ضد اليمن وإيران سوف تلاحقه إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات القادمة.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 17-1-2020
الرقم: 17171