صدر عن دار التكوين للنشر بدمشق كتاب تحت عنوان (قبضة ملح).. ترجمة وتقديم الدكتور باسل المسالمة.
تمثّل القصائد المنتقاة لعشرين شاعراً بريطانياً حقبة الحداثة التي بدأت تظهر ملامحها مع نهايات القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، ووصلت ذروتها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي يرى باحثون أنها محطّة أساسية تفصل بين القديم والجديد في الأدب عامة والشعر خاصة في بريطانيا، ويركز المترجم على تأثير ت. س إليوت (1888 – 1965) في الحداثة الشعرية وتفكيكه سلسلةً من المفاهيم السائدة سواء في قصائده أم مقالاته.
وكتب المؤلف على الغلاف: يتناول الكتاب حقبة الحداثة والشعر البريطاني حصراً, وهذا يعني أنني استبعدت الشعر البريطاني الذي ظهر في النصف الثاني من القرن العشرين٬ واستبعدت أيضاً الشعر الأميركي الحديث٬ لأنه يحتاج إلى كتاب آخر من الحجم نفسه.
يجد القارئ في الكتاب تركيزاً على شعراء أكثر من غيرهم٬ والسبب في ذلك هو أن بعض الشعراء كانوا أكثر غزارة في الشعر من غيرهم٬ أو ربما كانت لقصائد معينة نشرت في حقبة الحداثة أصداء أكثر من غيرها، لهذا السبب يجد القارئ اهتماماً أكبر بشعر توماس ستيرنز إليوت٬ على سبيل المثال٬ أكثر من غيره٬ لأن إليوت يعد من أبرز شعراء الحداثة ومن أهم منظريها.
ويقول المؤلف: يتميز الشعر الحديث بصعوبته، فقد صرح إليوت أن على الشعراء أن يكونوا على درجة من الصعوبة في شعرهم، وذلك بسبب اعتقاده بأن الحضارة الغربية أصبحت متطورة ومعقدة إلى درجة كبيرة، وهذا لا بد أن ينتج تعقيداً في الشعر يتمثل من وجهة نظر إليوت بأن يكون أكثر شمولية وتلميحاً في شعره ليتمكن من إعطاء لغته معنى.
ويفتتح المسالمة كتابه بالحديث عن (توماس هاردي) الشاعر والروائي الذي تأثر بالرومانسية، وقد اهتم بنقد عادات المجتمع الفيكتوري وتقاليده، حيث كتب مجموعة شعرية ولكنها لم تُنشر حتى عام 1898. واكتسب شهرته في بداية حياته المهنية كروائي أكثر منه كشاعر من خلال روايات (بعيداً عن صخب الحياة – وعمدة كاستربريدج…الخ)… ومن أشعاره نقتطف:
مجرد رجل يسحو كتل التراب
في سير بطيء وصامت
مع حصان كهل يتعثر ويكبو
شبه نائمين في سيرهما المختال
كذلك تناول الصحافي والشاعر والروائي وكاتب القصص القصيرة الانكليزي (روديارد كيبلنغ) الذي من أهم أعماله كتاب الأدغال، ويعد كيبلنغ من أكبر مؤلفي القصص القصيرة، وتعد رواياته من كلاسيكيات الأدب العالمي وروائعه، إذ تبرز في رواياته موهبته السردية… وقد حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1907 وبذلك يكون أصغر حائز على جائزة نوبل، وأول كاتب باللغة الانكليزية يحصل عليها.
ومن قصته التي حملت عنوان (إذا) نقرأ: إذا استطعت أن تحتفظ برباطة جأشك عندما يفقد جميع من حولك رباطة جأشهم ويلقون اللوم عليك، إذا استطعت أن تثق بنفسك حينما يشكك فيك كل من حولك، وتراعي شكوكهم أيضاً، إذا استطعت الانتظار ولم تمل الانتظار، إذا استطعت أن تجبر قلبك وأعصابك وأوتارك لخدمة أغراضك بعد أن يكونوا قد قضوا منذ أمد طويل، ولذلك عندما لا تملك شيئاً، سوى الإرادة التي تقول لهم (اصمدوا) فإنك تستمر.
أما (سيغفريد ساسون) فهو شاعر وجندي وكاتب بريطاني ولد في لندن، شارك في الحرب العالمية الأولى، وصفت أشعاره أهوال الخنادق، وسخرت من التظاهر بالوطنية لدى أولئك الناس الذين كانوا من وجهة نظره مسؤولين عن إشعال فتنة الحرب من خلال الحب الزائد والمغرور للوطن.
كتب قصيدة جميلة تحت عنوان (عند الفجر) قال فيها: استمع إليه من خلال المطر، وعند الغسق في ساعات لا نجوم فيها، أعرف أنه سوف يأتي مرة ثانية، كان يكره أن يتخلى عني، فهو يأتي مع وميض الأزهار وصخب الموسيقا ليوقظني.
ammaralnameh@hotmail.com
عمار النعمة
التاريخ: الجمعة 24-1-2020
الرقم: 17176