هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خلال 2019… مشاركات دولية.. اتفاقيات مشتركة.. مراقبة العمليات المالية والمصرفية
أثبتت هيئة مكافحة غسل الأموال حضورها في المشهد العام بعد ترقب ومتابعة غير هينة للسوق، وهي متابعة أثبتت جدواها عبر الكم الهائل من عمليات الضبط التي حققتها خلال الأيام العشرة الماضية ضد المضاربين على الليرة السورية، ما جعل منها حاضرة وبثبات في السوق.
نشاط الهيئة لم يقتصر على متابعة السوق المحلية بل امتد ليشمل تمثيل سورية وإثبات حضورها في المحافل الدولية ولا سيما تلك التي ساهمت الهيئة في تأسيسها، ناهيك عن توليفة من اتفاقيات التعاون التي وقعتها مع دول صديقة وحليفة ونظيرة، بالتوازي مع نشاط لافت لها خلال العام 2019 في أعمال المتابعة في المجموعات الدولية المعنية بحسن وسلامة تدفق الأموال ضمن الأقنية القانونية النظامية وعدم السماح بتسربها إلى أي أنشطة مشبوهة.
تبادل الفائدة
ولعل عمل ونشاط الهيئة ومدى نطاقه بدقة ليس معروفاً للمواطن العادي وهو أمر يضر بكلا الطرفين معا فمن جهة يضر بالهيئة لجهة فقدانها -والحال كذلك- مصادر معلومات مهمة كما يضر بالمواطن لجهة ما قد تنهض من حالات تملّص للمخالفين من قبضة الهيئة ونشاطاتها، وعليه فهيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وعلى الصعيد الداخلي يتلخص عملها بشكل أساسي بتلقي الإبلاغات عن العمليات المالية المشبوهة الواردة من جهات مختلفة كالمؤسسات المالية والمصرفية وجهات إنفاذ القانون، وإجراء التحقيقات والتحليلات المالية المتعلقة بها، وإحالة النتائج إلى جهات الضابطة العدلية والقضائية المختصة في حال وجود اشتباه بجرم غسل للأموال أو تمويل للإرهاب، كما تمارس الهيئة دوراً إشرافياً للتأكد من قيام المصارف والمؤسسات المالية وغيرها من المؤسسات والجهات غير المالية المكلفة بالإبلاغ، بالتقيد بالقوانين والأنظمة والتعليمات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث تقوم بإصدار القرارات والضوابط للحد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعزيز دورها الإشرافي بهذا الخصوص والتي كان آخرها القرار رقم 19 لعام 2019 المتضمن نظام مراقبة العمليات المصرفية والمالية في المؤسسات المصرفية والمالية العاملة في سورية والمناطق الحرة السورية.
مخاطر غسل الأموال
وفي إطار تنفيذها لهذا الدور الإشرافي، تقوم الهيئة بإجراء عدد من المهمات الميدانية بالتعاون والتنسيق مع جهات إنفاذ القانون والجهات الإشرافية، والضابطة العدلية لدى مصرف سورية المركزي، حيث استهدفت مؤخراً عدداً من شركات الصرافة وشركات الحوالات المالية الداخلية، وقد اتخذ القرار بإجراء تلك المهمات بناء على نتائج التحليلات المالية التي تقوم بها الهيئة على النشاط المالي للشركات المذكورة، حيث كان الهدف الرئيسي لتلك المهمات ضبط الممارسات المالية التي تحمل مخاطر عالية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتأكد من التزام تلك الشركات بالضوابط الخاصة بذلك، والمستقاة كلها من المعايير الدولية والتوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي.
المهمات الميدانية
وضمن ذات السياق لم تقتصر المهمات الميدانية المنفذة على الإدارات المركزية للشركات المذكورة، بل استهدفت أيضاً فروع تلك الشركات وشركات أخرى في بعض المحافظات كحلب وحماه وطرطوس واللاذقية، ولا بد هنا من التنويه أنه وبالرغم من مركزية عمل الهيئة، إلا أنها شاركت مع الجهات المختصة في تنفيذ تلك المهمات في المحافظات، وقد ناهز عدد المهمات المنفذة لعام 2019 نحو64 مهمة تنوعت ما بين مهمات غرضية لتقييم إجراءات مكافحة غسل الأموال في المؤسسات المصرفية والمالية، والمهمات الخاصة بالصرافة غير المرخصة وتوزيع الحوالات المالية الخارجية من دون ترخيص، حيث بلغ عدد مهمات الصرافة غير المرخصة في محافظة دمشق 10 مهمات، وفي حلب 4 مهمات، و6 مهمات في محافظة طرطوس و3 مهمات في اللاذقية و4 في محافظة حماه، وتالياً لذلك تقوم الهيئة بدراسة نتائج تلك المهمات، وفي حال ثبوت وجود المخالفات تقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الضابطة العدلية لدى مصرف سورية المركزي والتي وصلت إلى حد إغلاق بعض المكاتب والشركات في بعض الأحيان، علماً أن هذه القرارات تتخذ بناء على معطيات موضوعية بعد دراسة وتمحيص من قبل الكادر التنفيذي للهيئة والموزع على عدة وحدات تشرف عليها لجنة إدارة يرأسها حاكم مصرف سورية المركزي وهي مؤلفة من ممثلين عن عدة وزارات تشمل الخارجية والمغتربين والعدل والمالية والداخلية، بالإضافة إلى خبراء قانونيين وماليين، كما تمارس الهيئة عملها على الصعيدين الدولي والداخلي على حد سواء، ما يعكس سعيها -وبشكل دائم- إلى القيام بكافة المهام الموكلة إليها بالشكل الأمثل في سبيل حماية القطاع المصرفي والمالي والاقتصاد الوطني وتطوير آليات فعَّالة لحسن تنفيذ التشريعات الخاصة بإجراءات وقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
النشاطات الدولية للهيئة
أما على الصعيد الدولي فتنشط الهيئة من خلال عضويتها في المجموعات الدولية التي تعنى بموضوع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعتبر سورية عضواً مؤسساً فيها، والتي تهدف إلى تبني وتنفيذ التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتنفيذ معاهدات واتفاقيات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومجموعة إيغمونت لتبادل المعلومات بين وحدات التحريات المالية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وضمن هذا الإطار فقد عززت الهيئة تعاونها مع الوحدات النظيرة من خلال توقيع عدد من مذكرات التفاهم كوحدة قبرص ولبنان وأوكرانيا والأردن وفنزويلا وروسيا وغيرها، إضافة إلى عضويتها في التحالف الرباعي المؤلف من كل من روسيا وإيران والعراق وسورية.
النشأة والغاية
تجدر الإشارة إلى أن هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (وحدة التحريات المالية السورية) كهيئة مستقلة ذات صفة قضائية وتتمتع بالشخصية الاعتبارية لدى مصرف سورية المركزي قد أُنشأت بموجب المرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2005وتعديلاته اللاحقة (المُعدٍّل للمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 2003) وذلك ضمن إطار عملية الإصلاح المصرفي والمالي في سورية، وكذلك ضمن الجهود المبذولة لحماية الاقتصاد الوطني والجهاز المصرفي من الجريمة المالية.
دمشق- مازن جلال خيربك
التاريخ: الثلاثاء 28 – 1 – 2020
رقم العدد : 17179