مهما حاول (قرنا) الثور الهائج ترامب ونتنياهو إلباس (صفقتهما) المبتورة أثواب الإنسانية والسلام والازدهار فلن تمر، ومهما تفنّنا، ومعهما كل أدوات الإرهاب، بالمراوغة والكذب والسمسرة والتجارة والفجور والصفاقة، فلن تجد (الصفعة على وجوه الأعراب) طريقها للنفاذ في قاموس المقاومين ودفاتر أصحاب الأرض المتجذرين، وستبقى مجرد (قنبلة صوتية) مهما نفخوا في رمادها، فأهل الحق لن يتنازلوا عن قدسهم وأرضهم مهما كانت التضحيات.
وإن ظن البعض أن صفقة ترامب من بنات أفكار الأخير وحده فهو واهم، لأن أميركا، بترامب وبغيره، هي القوة الاستعمارية التي بطشت واعتدت وراوغت على مدى عقود من الصراع العربي الإسرائيلي كي تصل إلى نتيجة تشبه بل وتتجاوز بظلمها وانتهاكاتها صفقة اليوم.
فأميركا ترامب هي أميركا الأمس، وهي ذاتها منذ عقود، تعتدي على العرب وتهضم حقوقهم وتسرق نفطهم وثرواتهم وأموالهم، وتستنفر كل طاقاتها دوماً لتصفية قضاياهم، وتسعى لوأد حقوق الشعب العربي الفلسطيني تحت عناوين زائفة مثل السلام والازدهار في المنطقة، وجميع مسؤوليها يقدمون الطاعة للوبي الصهيوني ويسعون لكسب وده ونيل رضاه على حساب العرب وعدالة قضيتهم.
لكن المفارقة المثيرة للسخرية أن ترامب اليوم يحاول تجميل صورة صفقته القبيحة بمساحيق باهتة لم يتجرأ رئيس من قبله على البوح بسخافاتها، فرغم أن الصفقة المشؤومة تعد – إن رأت النور- (ولن يكتب لها النور) أكبر كارثة على الشعب الفلسطيني، وأخطر من وعد بلفور على مستقبله، إلا أنه حاول طلائها بخير وفير مزعوم من الأمن والاستقرار، ليس في تفاصيلها شيء منه.
فزعم أنها تنص على حل (واقعي) للدولتين، ولا ندري أين الواقعية حين يتحدث بنفس السطر عن القدس المحتلة كعاصمة أبدية وموحدة للكيان الإسرائيلي؟! وأين الواقعية وهو ينسف قرارات الأمم المتحدة التي تدعو هذا الكيان الغاصب للانسحاب من الأراضي العربية التي احتلها عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعودة اللاجئين؟!.
إنها باختصار وإيجاز (واقعية) الدجل والتضليل البعيدة كل البعد عن أي واقع ومنطق وقوانين دولية، واقعية مزيفة لا يدرك مخترعوها أمثال ترامب أن أصحاب الحق سيسقطونها مثلما سيسقطون الصفقة برمتها ولن يدعوها تمر، ولن يتنازلوا عن حقوقهم وثوابتهم الوطنية، وقدسهم ليست للبيع، ولنا في تجارب الشعوب الحرة آلاف الأمثلة.
كتب أحمد حمادة
التاريخ: الخميس 30 – 1 – 2020
رقم العدد : 17181