الجـــذور الســــورية في مواجهـــة العـــار العثمـــاني

يستيقظ في الوجدان الوطني تيار من أسئلة الاستيعاب وليس من أسئلة الاستفهام، ويتوزع هذا التيار ما بين يقين مرسل يعرفه الإنسان السوري عن بلده وعن تاريخ آبائه وأجداده وقد دخل هذا البعد على أعماق الوطن مطلقاً في ثناياه خصائص ومناقب سورية لم تغادر الميادين رغم أن بعضها غشتها طبقة من الغبار المصطنع، حتى إذا دنت اللحظة الراهنة اندفعت هذه الخصائص والمناقب بكتلتها الكبرى واستحقاقاتها الأكبر إلى ميادين الحال الراهن العسكرية منها والاجتماعية والسياسية.
وكان من عناوين منظومة الأسئلة المستقرة هذه العودة إلى يقين الإنسان أينما كان موقعه بالنصر مهما كانت ضراوة المعارك وتعقيدات القوى المعتدية، وكان في أصل هذا البعد هذا الارتباط والالتزام معاً بالعناوين الكبرى للوطن السوري سواءً أكانت هذه العناوين مدنية أم عسكرية، راهنة أم مستقبلية وانجدلت في هذا السياق عضوية الوحدة في هذا الوطن وما عاد غريباً إلا ذلك الرقم الشاذ الذي تم تصنيعه بالمال الحرام من الخارج وبالادعاءات الحاقدة الفردية والمنتشرة بطبيعة الحال في هذه الزاوية أو تلك وهذا ما تكثف في لحظة الاجتماع والإجماع الوطني.
ذلك أن حقائق الموقف القائم غطت بوهجها وسطوع نتائجها كل الاعتبارات الجزئية والتقت مباشرة بطبيعة الإنسان السوري التي تكونت عبر التراكم العضوي والإبداع والمعاناة على خط الزمن والتاريخ منذ آلاف السنين. وهنا تبدت قيمة المستقر الأخلاقي والوطني في الأداء السياسي والعسكري وفي اندفاعات الرأي العام الشعبي وكأنما الحال يخبر عن صدمة إيجابية كان لابد منها وقد تلتها صحوة وطنية سرعان ما اندفعت من الأعماق إلى الساحات وإلى عالم الإنسان والسلوك في هذا الوطن التاريخي، وفي أصل ذلك عشنا ومازلنا نعيش هذه النزعة العميقة في إعادة ترتيب أولويات الإنسان العادي بفكره وسلوكه معاً وبما يؤكد أن منهج التحضير وحيوية الوجدان قد فعلت فعلها فتراجع ذلك لنسق من الجزئيات المتناثرة والفواصل الملحقة التي حاولت قوى كثيرة أن تدفع بها لكي تكون المعادل المستحكم في الحياة الوطنية والشعبية، وهنا تبدت قيمة التحولات الوطنية في الميدان العسكري والسياسي والتي كان من أهم وظائفها أنها أعادت ترتيب أنماط فكر وسلوك الإنسان بعد اغتراب قسري فرضته حالة الترهل ونمطية الميل للشعارات المتكلسة ونزعة المقارنة بالقوة المادية الصماء مع مجموعة القوى التي انخرطت في هذه الحرب العدوانية الشاملة على الوطن السوري.
إن الأداء في الميادين عسكرياً هو نتيجة ومقدمة في سياق واحد، أما كونه نتيجة فهذا يجسد مكوناته التاريخية ويعبر عن العوامل التي صاغت انتماءات وسلوك هذا المقاتل في الميدان، لذلك حق لنا أن نقول كان الوطن السوري هو الذي يخوض المعركة في الميدان العسكري بكل ما فيه من أعماق وذاكرة وموروث وقيم وبكل ما في هذا الوطن من تنوع واتساع في توضعاته الإقليمية والجغرافيا، بمواجهة المحتل العثماني وسياسات العار التي ينتتهجها، وهذه قصة هي ميزة تتحول مباشرة إلى امتياز في نضال هذا البلد العنيد والقاسي، وما كان للإرهاب المستقطع والنشاز ولا للقوى التي أنتجت الإرهاب وما برحت تغذيه بمعدلات فاضحة أن تدرك أهمية هذا البعد الوطني الشعبي والتاريخي لسورية العربية.
لقد استبدت بمجموعة القوى المعادية أفكار وهواجس الشيطان ولاسيما من خلال تقديرات محمومة ووقائع مسمومة كلها في الأصل خروج عن الوطن وأرادوها خروجاً على الوطن، أي نقل هذه الأفكار الموهومة والتقديرات المزعومة من منطقة الاحتمال إلى مسارات البيع والشراء والمساهمة في اغتيال الوطن بأي مقدار كان هذا الاغتيال وبأي سلاح يستخدم في هذا الاغتيال، وفي الوطن السوري تتوالد الأبعاد من الأبعاد وهذا ما يؤهله ليقينيات النصر.

بقلم: د. أحمد الحاج علي

التاريخ: الأثنين 2 – 3 – 2020
رقم العدد : 17206

 

آخر الأخبار
وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة الهوية البصرية الجديدة لسورية من ساحة سعد الله الجابري بحلب وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة تشبه كل السوريين خلال احتفالية إشهار الهوية البصرية الجديدة..  الرئيس الشرع : تعبر عن سوريا الواحدة الموحدة التي لا ت... رئيس اتحاد العمال: استعادة الدور النقابي المحوري محلياً وعربياً ودولياً تطوير البنية التحتية الرقمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي تمثال الشهداء..  من ساحة سعد الله إلى جدل المنصّات.. ماذا جرى؟  الفرق النسائية الجوالة .. دور حيوي في رفع الوعي الصحي داخل المخيمات إجراءات لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في بلدة حلا مفاعيل قرار إيقاف استيراد السيارات المستعملة على سوق البيع باللاذقية  الاستثمار في الشركات الناشئة بشروط جاذبة للمستثمر المحلي والدولي  سوريا.. هوية جديدة تعكس قيمها وغناها التاريخي والحضاري الهوية البصرية للدولة.. وجه الوطن الذي نراه ونحسّه  تطبيق "شام كاش" يحذر مستخدميه من الشائعات تأهيل مدرسة "يحيى الغنطاوي" في حي بابا عمرو أهال من جبلة لـ"الثورة": افتتاح المجمع الحكومي عودة مبشرة لشريان الخدمات فتح باب الاكتتاب على مقاسم جديدة في حسياء الصناعية