لايزال رسام الكاريكاتير واحدا من المدافعين بحرارة عن قيم العدالة بكل عناوينها الإنسانية، ويتقدم صفوف العاملين في سبيل نصرة الحق والخير والجمال.
والمعرض الذي احتضنته صالة المعارض في دار الأسد للثقافة والفنون، جاء ليؤكد حقيقة المواجهة الصلبة في وجه السواد الذي يعم العالم، وأن رسالتنا السورية نقية وعصية نبين من خلالها أهمية الفن في فتح نوافذه على العالم جميعه في وجه الحملات الإعلامية الشرسة التي تحاول النيل من هويتنا.
والمعرض في دورته ال16 جاء تحية إلى روح الشاعر والكاتب محمد الماغوط، واختيرت اللوحات المشاركة من بين أعمال تقدم بها 500 فنان وفنانة، تنوعت فيها الأساليب والتكنيكات للتعبير عن قيمة هذه الشخصية الأدبية وتقديرهم لمسيرته الغنية برسم بورتريه له وبتعابير متباينة، إضافة إلى أعمال تطرقت إلى موضوع القناع الذي يستخدمه البشر في يومياتهم.
الأول.. عربياً
يرى الفنان رائد خليل مدير المسابقة أن للمعرض أهدافا قريبة تتجلى في تسليط الضوء على قامات إبداعية سورية» شعر، فن، مسرح، أدب..»، أما الأهداف البعيدة فهي التأكيد على رسالتنا الأخلاقية والإنسانية التي نحاول أن نوضحها للعالم، كما نسعى لإظهار الجانب الثقافي والحضاري والفني لسورية وفي ذلك نؤكد مقولة هامة لنيتشه تقول «الأشرار لايغنون» لذلك نسعى أن نلون السماء بألوان قوس قزح من خلال التعريف بقاماتنا السورية.
والمهرجان الذي شارك به أكثر من 500 فنان عالمي ومن 70 دولة هو إنجاز حقيقي يسجل لهذا المهرجان على المستوى العالمي، وهو الأول عربيا.
فعل مقاوم
ومن جهته بين أبو الفضل صالحي نيا المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية في سورية أن أي نشاط ثقافي أو فني يقام في سورية هو جزء من عمل المقاومة، كما المقاومة المسلحة تماما، يقول: يهمنا المشاركة في هذه المسابقات، وقد ساهم حوالي 70 فنانا بأعمالهم واستطاعوا أن يحصدوا جوائز المراتب الأولى والثانية، مايجعلنا مصممون على المشاركة الفعالة بالنشاطات القادمة، وخصوصا أن فن الكاريكاتير في سورية فن متقدم وذلك بفضل مشاركة السوريين بالمهرجانات العالمية والدولية، ومن خلال مواكبتهم للأحداث العالمية استطاعوا أن يقدموا فنا راقيا في فن الكاريكاتير، مايجعل فن الكاريكاتير في سورية محط اهتمام للفنانين الإيرانيين وهم أيضا فنانون عالميون، وبمشاركتهم يوثقون الروابط الثقافية بين إيران وسورية، وهذا التواصل يمتد للمجالات كافة.
شعب حي لايقهر
من الأهمية بمكان أن نعيد إحياء ذكرى احد أكبر رموز الثقافة في سورية، ويضيف مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب، يتزامن هذا المعرض مع انتصارات الجيش العربي السوري وفتح الطريق الدولي وإعلان حلب مدينة آمنة، مايؤكد أن شعبا يقيم الندوات والمهرجانات والمعارض الفنية هو شعب حي لايقهر ولايهزم، ورغم الحرب الظالمة مازال الشعب السوري يحتفي بانتصاراته وثقافته، وهنا تتحقق مقولة أرنست همنغواي» تستطيع أن تقتل الإنسان ولكن لاتستطيع أن تنتصر عليه»
انتصار للثقافة
ويؤكد ماهر الخولي عميد المعهد العالي للفنون المسرحية أن ثمة معايير لاختيار اللوحة تتجسد في اختيار الفكرة والتكنيك وهي أدوات الفنان التي يستخدمها لإيصال فكرته إلى المتلقي.
ولاشك الاستمرارية للمسابقة رغم سنوات الحرب لدليل قاطع على دور الإنسان السوري في صموده وحبه للحياة وخصوصا أن الفن هو رسالة سامية يفهمها العالم وتشكل حوارا مفتوحا مع الآخر لتكون جسر تواصل بين الشعوب.
مركز لاستقطاب الثقافة العالمية
رغم مشاركتي للمرة الأولى في هذه التظاهرة يقول المايسترو رعد خلف: أذهلني عدد الدول والأعمال المشاركة، مايؤكد أن سورية مازالت مركز استقطاب الثقافة العالمية وخاصة فن الكاريكاتير الموجه الذي يسلط الضوء على قامات سورية التي شكلت علامة فارقة في عالم الادب والفن.
مشروع يستحق الدعم
ويقول الشاعر أمير السماوي أن أجمل ماقدم في المعرض أنه قدم شاعرا عربيا كبيرا، واستطاع فن الكاريكاتير أن يعكس علاقة حميمية بين الإبداع الفني الساخر والإبداع الشعري التهكمي الساخر، وقصائد الماغوط هي مشروع للوحات كاريكاتير، واستطاع الفنانون أن يجسدوا ذلك في لوحاتهم.
يعزز حضورنا الثقافي
ويرى د. حسن اسماعيل أن هذه المشاركة الواسعة بالمهرجان يعزز ويؤكد حضورنا الثقافي، لأننا نمد اليد للآخر ونعترف بوجوده، واختيار شخصية الماغوط لهذه الدورة لإبداعه لاشك هو فعل ثقافي حضاري نقدم من خلاله الإبداع السوري ليكون رمزا للحضارة وخصوصا بعد محاولات تشويه الثقافة السورية في سنوات الحرب العجاف.
أما حضور المرأة الخجول في فن الكاريكاتير فربما لم يحن الوقت لاستخدامه كسلاح تشهره في وجه الظلم أو القضايا التي تهم المرأة والمجتمع.
رسالة ثقافية
وتبين سلوى عباس، صحفية وعضو لجنة تحكيم بمعرض سورية الدولي للكاريكاتير، أن معايير اختيار اللوحة اعتمد على بناء الفكرة ومن ثم التكنيك وقدرة كل فنان على إيصال فكرته إلى المتلقي.
وضم المعرض موضوعين» بورتريه للشاعر محمد الماغوط، والقناع» وكانت المشاركات عالية المستوى، مايؤكد أهمية هذا الفن ورسالته السامية، وكل مانتمناه دعم هذا الفن وتكريسه كتظاهرة حضارية ثقافية، تقدم في كل دورة تحية ورسالة ثقافية لقامة من قامات الثقافة السورية.
حالة عالمية
وبدوره بين الفنان اسماعيل نصرة ان من الأهمية بمكان مشاركة الفنان الأجنبي وقدرته على استحضار شخصية الماغوط عبر رسم الكاريكاتير، مايدل على اطلاع ومعرفة عميقة بسيرة وحياة ونفسية الأديب محمد الماغوط، وتجلى ذلك في مقاربتهم لشخصيته من خلال البورتريه المشابهة تماما لشخصيته.
ويرى الفنان موفق مخول أن فن الكاريكاتير من الثقافات الهامة في حياة البشر الاجتماعية، وهي متنفس يعبر من خلالها الفنان عن قضايا مجتمعه بأسلوب ساخر وعميق، وعلينا تشجيع هذا الفن لأنه حالة عالمية وهو الإعلام السريع الذي يوصل الفكرة.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الأربعاء 11 – 3 – 2020
رقم العدد : 17214