«نقطة ع السطر»..وحكايــــات تُنتشــــلُ مــــن جــــــرح الحيــــــاة

 برنامجٌ إنساني، يسلّط الضوء على القضايا التي تبحث في حالاتٍ اجتماعية يعاني منها كُثر من أبناءِ وبناتِ مجتمعنا.. يبحث عنهم بعد أن يتعقّب أثرهم، وحسب اتفاقٍ مسبق مع صاحب الحالة الذي قد لا يمانع بإظهار شخصيته، أو قد يرفض مكتفياً بسردِ ما يحتاج إلى تضميدِ المعاناة التي في قصته.
يهدف البرنامج الذي يُعرض على «الفضائية السورية» إلى تقديم المساعدة بطريقة إعلامية – واعية.. أيضاً، إلى تذكيرِ الأهالي والمعنيين بمسؤوليتهم ورسالته، تنبيههم إلى خطورة ازدياد أعداد «الأطفال المعنَّفين» و»أطفال التوحد» وسواهم من الأطفال المرضى أو المتشردين»..
هذا وسواه من الحالات، يسعى وباستدعائهِ لما فيها من خطورةٍ لا تقلُّ عن خطورة ظاهرة «زواج الفتيات القاصرات»،يسعى لإيجاد ما أمكن من الحلولِ التي تنتزع منها ولو شيئاً من الأشواك التي أكثر ما تدمي فتيات مجتمعنا، وسواء عبر التحرش بهن أو سلبهنَّ حقوقهن، وهو ما بحثته حلقاتٌ عديدة منها، تلك التي كانت «هيفا» موضوع حكايتها.
حتماً، هي حالة تضاف إلى جميع الحالات التي لا يكتفي البرنامج بتناولها، بل ويستضيف معنيين واختصاصيين نفسانيين لتقديم الآراء وتشريح الأسباب التي تساهم في تفاقم هذه القضايا وماتعكسه من انعدام الأخلاق والمسؤولية.. يتناولونها ويقدمون الحلول لها، وصولاً إلى تخطيها بطريقة بنَّاءة وعقلانية.
فعلاً، لا نعرف من أين نبدأ، ولا ماذا نحكي، وهو رأي مقدمة الحلقة التي بُحث فيها طويلاً وتحت المطر، وفي جميع الأمكنة التي سُئل روادها عن هذه الفتاة.. «هيفا» التي تمكن البرنامج أخيراً من إيجادها ومحاورتها، وبعد أن أخفى شخصيتها، وأسمعنا القصص التي روتها بلسان معاناتها.. روتها بجرأة كانتِ جريحة كما روحها التي كان أول من مزّق براءتها، والدها الذي يفترض أن يكون سندها وعزوتها..
«تفاصيل، بقدر ما تخبِّئ من تعقيدات، بقدر ما تبوح بآلام عاشتها هذه الفتاة منذ طفولتها وكبرت معها لتغدو، ضحية عائلة لم تمتلكها يوماً، ومجتمع استغل ضعفها وحاجتها وغياب سند لها، فعمق جراحها أكثر وقتل براءتها..».
هكذا يبدأ البرنامج تقريره، وفيه يختصر حكاية حلقته.. بعدها، تبدأ الجولات الميدانية حيث أمكنة الفتاة التي تروي قصتها لإعلاميته…
ترويها، من الحديقة التي ارتضتها منزلها، ومدفن أسرارها، والفضاء الذي تبوح له بما يعترضها من آلامٍ ومعاناةٍ وتحرشات، تشبه تلك التي تعرضت لها من قِبلِ والدها، ومذ طفولتها التي كانت شاهدة على قسوته ولاأخلاقية تصرفاته في التعامل معها، وعبر ضربها وحرمانها من حقوقها، والتهديد المستمر الذي انتهى بهروبها..
من هنا بدأ انحراف الفتاة التي سعت لنفث همومها عبر التدخين، وعبر استبدالِ شخصيتها بأخرى ظنّتها أكثر حظاً إن بالغت بالتجمل والتزيين..
كلماتها لا مبالية.. غير متوازنة أو واعية.. مغامرة وتبدو أكبر من عمرها، ولها صداقات زادت من انحرافها.. لا هوية، لاانتماء، لا نقاءَ حياةٍ أو هواء.. تدهور وسعي تائه إلى المجهول، وبأنفاسٍ عليلة وموبوءة بالضياعِ والتفكير اللامسؤول.
لقطات تبين الأمكنة التي ترتادها فتُسقطها إلى قاعها.. خطر الموت يتهددها وتنام فيه وحوله، فلم يعد هناك من خطر ترتعد منه أوصالها.
تفاصيل وتفاصيل، تسردها فنتابعها إلى أن تنتهي الحكاية بما ينقذها من الأمكنة التي احتضنها فيها الشقاء والتشتّت والحاجة والتعتير.
تنتهي الحكاية، في جمعية للحياة والـ «دفا»، الجمعية التي وافقت على الإقامة فيها، والتي كان البرنامج هو من اصطحبها إليها. اصطحبها، كما سواها من الحالات التي يُعنى باستقطابها وعرضِها وصولاً إلى إيجادِ حلولٍ تناسبها..
تنتهي الحكاية، ولاتنتهي.. فكم من الحالات التي سبقتها وتلتها، بحاجةٍ إلى من يستعرضها باحثاً عن نهايات كتلكَ التي جعلت هذا البرنامج يرتقي بمضمونه ومسعاه ومهنيته.. مهنيته في تقديمِ ما في واقعنا من حالاتٍ تحتاج للكثير من البرامج التي لا تكتفي باستعراض آفاقِ عللها، بل وتسعى ما أمكنها لتجاوزها إلى ما يجعل إنساننا، قادراً على التفاعل مع مجتمعه، ومتمكناً من تحقيق ما يصبو إليه ويُعافي ولو قليلاً من حياته وإنسانيته..

هفاف ميهوب
التاريخ: الاثنين 16-3-2020
الرقم: 17217

آخر الأخبار
ريال مدريد يفتتح موسمه بفوز صعب  فرق الدفاع المدني تواصل عمليات إزالة الأنقاض في معرة النعمان محافظ إدلب يستقبل السفير الباكستاني لبحث سبل التعاون المشترك ويزوران مدينة سراقب رياض الصيرفي لـ"الثورة": الماكينة الحكومية بدأت بإصدار قراراتها الداعمة للصناعة "نسر حجري أثري" يرى النور بفضل يقظة أهالي منبج صلاح يُهيمن على جوائز الموسم في إنكلترا شفونتيك تستعيد وصافة التصنيف العالمي الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة مبنى سياحة دمشق معروض للاستثمار السياحي بطابع تراثي  "السياحة": تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية  فلاشينغ ميدوز (2025).. شكل جديد ومواجهات قوية ستراسبورغ الفرنسي يكتب التاريخ اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري