سيمون دي بوفوار المرأة المفكرة والمقاومة

 

الملحق الثقافي:هنادة الحصري:

ثمة معاناة عاشتها المرأة الأوروبية عبر قرون طويلة من تاريخ أوروبا، فقد امتهنت كرامتها وهضمت حقوقها، وسحقت إنسانيتها وعطلّ دورها الإنساني الطبيعي ورسالتها المقدسة في تشييد دعائم أسرتها التي تبنيها بالتعاون مع الرجل.
كل هذه الأسباب مجتمعة دعت المرأة الغربية إلى المناداة بشعار التحرير والمطالبة بمساواتها مع الرجل في الكرامة الإنسانية، وفي التكليف والمسؤولية وفي الحقوق المادية والمعنوية، وفي التكامل الحق في الوظائف والأدوار. فقامت حركات تدعو إلى تحرير المرأة الأوروبية تحت عدة مسميات. ويبرز دور الكاتبة سيمون دي بوفوار وهي التي تحدثت عن سيكولوجية المرأة.. حيث بدأت تطرح اّراء جريئة عن العلاقة بين الرجل والمرأة. ومن هذه الاّراء: «لا يولد الإنسان امرأة، بل يصبح كذلك». ثم تكللّت هذه الكتابات بكتابها الشهير «الجنس الاّخر»، حيث أحدث هذا الكتاب سجالات ثقافية في الأوساط العلمية والاجتماعية والثقافية في العالم، ومن المفاهيم التي تطرحها في هذا الكتاب: ليس هناك قدر بيولوجي أو نفسي أو اقتصادي يقرر الشكل الذي تمثله المرأة في المجتمع، إنها الحضارة ككل هي التي تنتج ذلك المخلوق والذي نطلق عليه اسم الأنثى».
تقول: «هوجمت خصوصاً بسبب الأمومة، وصرح رجال كثيرون بأنه لم يكن يحق لي التحدث عن النساء لكوني لم أنجب أطفالاً، ترى هل أنجبوا هم؟ إنهم يعارضونني بأفكار ليست حاسمة لاقطعية، أتراني قد رفضت كل قيمة لشعور الأمومة والحب؟ كلا، لقد طلبت من المرأة أن تعايش هاتين القيمتين وبشكل حر، في حين أنهما غالباً ما يخدمانها كحجة، وأنها تخضع لهما إلى درجة أن الخضوع يبقى إذ يكون القلب قد جف».
وكان هناك سوء تفاهم خلقه هذا الكتاب، إذ اعتبرت سيمون أنها تنكر أي فرق بين الرجال والنساء، ولكن الحقيقة أنها قاست ما يفصل الجنسين، وذهبت إلى أن تلك الاختلافات هي ثقافية وليست طبيعية.
في كل مراحل حياتها كانت سيمون تحاول أن توضح أن المرأة يمكن لها أن تقوم بأعمال هامة في الحياة إلى جانب الرجل، يمكن أن تحمل على كتفها عصراً كاملاً، فتقوم بتمثيله والتأثير به. فتمثل العبقرية والشفافية والوعي والمشاركة في سائر الفعاليات الاجتماعية والفكرية. لا شك أن سيمون دي بوفوار قد ساهمت بقوة في ترسيخ مفاهيم حضارية جديدة في بنية المجتمع الفرنسي المعاصر، وأسهمت بإعطاء المرأة مزيداً من المكانة الاجتماعية في مشوارها النضالي النسوي.
عرفت بعلاقتها الجدلية القوية مع جان بول سارتر، وتعاونا معاً أثناء الحرب العالمية الثانية في حركة المقاومة، لكنها لم تسمح له بأن يفقدها خصوصيتها وشخصيتها رغم كل ذلك الإعجاب والتعلق الفكري والروحي، تقول: «لقد كان رجلاً حقيقياً يعرف كيف ينتمي إلى الحقيقة وكيف يبحث عنها».
تعد حياة سيمون وكأنها سجل كامل لتفاصيل الحراك الفكري في فرنسا، امرأة تركت بصحة متميزة في عالم نزعت لتحقيق حرية كاملة للمرأة فيه.

التاريخ: الثلاثاء17-3-2020

رقم العدد : 991

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم