النيات الطيبة لا تصنع عملاً ناجحاً, ربما من هذا المنطلق كثيراً ما نكتفي بالتغني عن أهمية إنجاز أعمال للأطفال, وعندما نحاول ترجمة هذا التغني إلى واقع نُفاجأ بنتائج تبقى عاجزة عن مخاطبة عقل الطفل والوصول إلى قلبه, فقليلة هي الأعمال التي عالجت موضوعات تمس الطفل وتخاطبه بالآن نفسه, ونادرة تلك الأعمال التلفزيونية والسينمائية العربية التي استطاعت الولوج إلى عالم الطفولة بكل ما يكتنز به من غنى وخفايا وحاولت فك طلاسمه للوصول إلى الطفل بسلاسة ومحاكاته بمهارة وبساطة وذكاء.
على الرغم من الأهمية الكبيرة التي تحتم الاهتمام بما يُقدم للأطفال إلا أن الأعمال الموجهة إليهم يتم التعاطي معها على أنها (صنف درجة ثانية), فإما يفضل المنتجون والكتاب والمخرجون تجنبها أو خوض غمارها بأبسط الإمكانيات الإبداعية والمادية, لتأتي فقيرة هزيلة ساذجة ومباشرة, وبذلك نترك طفلنا صيداً سهلاً أمام أعمال إما تُبث على الفضائيات وتروج للعنف والخرافة.. أو فريسة سهلة لما يتلقفه من مواقع الانترنت بكل ما قد يحمله من سموم تصل حد محاولة تخريب الفكر وإعادة بنائه وفق مبادئ جديدة تتسلل إلى عقولهم دون رقيب.
كيف يمكن إنجاز أعمال للأطفال تخاطب عقولهم وتحاكيهم وتكون قريبة منهم ؟.. هو سؤال يحتاج إلى إرادة حقيقية للإجابة عليه وترجمة الإجابة إلى واقع, هو سؤال يرقى إلى (المشروع) الذي ينبغي العمل عليه بجدية عالية, وربما رأس الخيط طرحه الفنان دريد لحام في أحد لقاءاته عندما قال: «غالباً ما توكل مهمة إنجاز برامج الأطفال للمواهب المبتدئة وأصحاب الخبرة البسيطة لأن المُشاهدين هم من الصغار ولا يحتاجون إلى أكثر من شخص متدرب, بينما لتخاطب الأطفال ينبغي أن تأتي بمخرج بمستوى مصطفى العقاد».
مما لا شك فيه أن هناك أعمالا حققت بصمة هامة وكانت فيصلاً في هذا المنحى كما هو حال مسلسل (كان يا ماكان), ولكننا اليوم أحوج ما نكون إلى أعمال تحاكي أطفالنا في هذا الوقت بالذات, تخاطبه بعيداً عن التعالي والتلقين والمباشرة, تحمل عمقها وبالوقت نفسه تحمل بساطتها للوصول إليه, خاصة أنهم بناة الغد, والتهيئة السليمة تعني أننا نضمن لغدنا مستقبلاً سليماً.
fouaadd@gmail.com
فؤاد مسعد
التاريخ: الاثنين23-3-2020
الرقم: 17222