د. عبد الحميد دشتي- ثورة أون لاين:
أكثر الذين يهاجمون نظرية المؤامرة ويسخرون ممن يتبناها هم المتآمرون أنفسهم، وهذا بالطبع يشمل طريقة انتشار ?يروس كورونا إلى أن يكشف عن المصاب الأول.
وبعيداً عن التداول بين أن يكون هذا الوباء أحد الأسلحة البيولوجية المصنعة ، وهذا هو الأقرب إلى المنطق ، أو أن يكون انتقل كما يقال من الخفافيش الى البشر في ووهان الصينية ثم الى العالم كما تدعي اميركا لتبرئة نفسها من هذه الجريمة بحق الانسانية جمعاء. فإن الحديث عن كورونا سيظل الاكثر تداولاً في العالم لمدة طويلة من الزمن ، بفعل العالم الجديد الذي انتجه والذي بالتأكيد لن يعود كما كان في السابق.
وأخطر ما علينا أن نتوقف عنده من نتائج انتشار هذا الوباء هو العجز الفضائحي الذي كشفه سواء على الصعيد العلميّ لمواجهته، أوعلى مستوى الفضائح الأخلاقية السلوكية على صعيد العلاقات الدولية عامة والغربية الاطلسية خاصة.
فلقد كشفت قمة العشرين الافتراضية التي كان العالم يعول عليها ببيانها الانشائي عجز الحضارة الإنسانية وتحديداً عجز أرباب الحضارة الغربية التي تزعم أنّها تقود العالم عن مواجهة الجائحة، رغم رصدها 5 تريليون دولار تدفع نصفها اميركا في حرب العلاج والوقاية ، كما انكشفت الحضارة الغربية ووهنها وأنانيّتها وفرديتها ووحشيتها التي كانت تمارسها بحق الغير وباتت في زمن الوباء تمارسها حتى بين مكوّناتها ذاتها.
ورغم كلّ ما تتناقله وسائل الإعلام وما صرح به العلماء والخبراء والمسؤولون عن امكانية الوصول الى علاج ، فإنّ الأقوال تزداد بينما الفيروس يفتك بالشعوب. والأغرب هنا انّ الصين التي كانت البؤرة الأولى لل?يروس استطاعت السيطرة عليه انتشاراً وتستمرّ في البحث عن العلاج والطعم، بل وعرضت على اميركا المساعدة ، بينما ظهرت أوروبا الغربية أم الحضارة الحديثة، عاجزة وتحولت هي واميركا التي يتعامل رئيسها باستخفاف جعل العالم كله وحتى الشعب الاميركي اللامبالي يحقد عليه ويتهمه بالوحشية والجنون ، تحولت الى البؤرة الأكبر للفيروس وتكاد تستسلم له .كما كشف الوباء كذبة التضامن الغربي الاطلسي ،بعد ان بدأ اجتياح فيروس كورونا لأوروبا من البوابة الإيطالية، وبقيت إيطاليا تصارع المرض وحدها من دون أن تسمع أو ترى صوتاً او يداً أوروبية او أميركية تمتدّ اليها للمساعدة او عرض المساعدة او حتى المواساة، لا بل إن البعض شمت بإيطاليا وأشعرها بأنها تستحق هذا العقاب الجرثوميّ، لأنها اقامت منفردة علاقة تجارية واقتصادية مع الصين.
هذه هي وحشية الغرب حيال الإنسان بشكل عام، بعد ان امتنع عن تقديم المساعدة لمن يحتاجها كما حصل في دول أوروبية تغاضت عمن هم فوق الـ 65 او70 سنة من العمر وامتنعت بعضها عن الاستمرار بعلاج المرضى.
لقد اتضح لأوروبا انها ليست سوى إحدى المستعمرات الاميركية وأنها تتعامل معها وفق ما تحققه مصالحها، وهذا الأمر سيترك بدون أدنى شكّ بصماته على العلاقة المستقبلية بين أوروبا وأميركا التي ستظهر بعد ” كورونا ” بصورة مستعمِر ومستعمرات وهي القشة التي قصمت ظهر البعير ،وبعد ان ثبتت الصفة التجارية الخالصة لهذا النظام وتأكد بعده كلّ البعد عن الطابع الإنساني والأخلاقي .
لكن تبقى صورة مشرقة ظهرت عليها القوى المستهدفة وفي طليعتها الصين وإيران وروسيا،، حيث أكدت هذه الدول على أهمية وجود قوة أخرى في مواجهة الأخطار الكبرى وأظهرت الجانب الإنساني والأخلاقي للنظم القائمة فيها وعلى طبيعتها الإنسانية التي دفعتها لمدّ يد العون لأكثر من دولة تأذّت من كورونا.
وإن غداً لناظره قريب