احمد ضوا
يعاني العالم اليوم من أزمتين في آن معا الأولى تفشي جائحة كورونا وحصدها لمئات الآلاف من الضحايا والمصابين، والثانية غياب التعاون و التفاعل الدولي في مواجهة الأزمة الأولى و عواقبها الصحية والاجتماعية وإيجاد حلول للقضايا الدولية الأخرى والتي تسهم غياب الإرادة بحلها في تعميق وتفاقم خطر جائحة فيروس كورونا.
إن تعالي الأصوات من جميع الجهات الأربع إلى الدول الفاعلة على المستوى الدولي لتناسي خلافاتها والعمل من اجل درء الإخطار المستجدة لم تجد آذانا صاغية وخاصة من الدول الغربية والولايات المتحدة التي لم يشغل حكومتها تفشي وباء كورونا في بلادها حاصدا يومي الخميس والجمعة الماضيين 1480 ضحية وأكثر من 270 ألف مصاب عن مواصلتها لسياستها العدوانية في أنحاء العالم .
حتى اليوم لم يرتق أداء الدول المتحكمة بمصير العالم إلى مستوى الحد الأدنى من الخطر الذي يواجه البشرية جراء جائعة كورونا التي لا تقتصر أثارها على الجانب الصحي وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية ستكون اخطر بكثير وخاصة على الدول الفقيرة والنامية وفي مناطق الحروب التي افتعلتها واشنطن وحلفائها على المستوى الدولي .
من أهم مؤشرات غياب الإرادة لدى القوى المتحكمة بمصائر العالم في تغيير نهجها وسلوكها التسلطي هو عدم مبادرتها إلى إنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على الكثير من الدول والتي تمنع من توريد الاجهزه الطبية والأدوية إلى الدول التي ضربها الفيروس .
إن دعوة بعض السياسيين والاقتصاديين والشركات العابرة للحدود في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتحويل جائحة كورونا إلى فرصة للربح الاقتصادي وفرض الإرادة السياسية على مستوى النزاعات يجب ان تكون كافية للغالبية من دول العالم للتمرد على سلطة بعض القوى التي اكتسبتها من منابر المنظمات الدولية التي تبدو عاجزة عن فعل أي شيء.
في الشهرين الماضيين من عمر تفشي جائحة كورونا شهد العالم الكثير من الوقائع التي لا تمت إلى الإنسانية والأخلاق والقانون الدولي بصلة وأخرها كان ربط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلغاء العقوبات الاقتصادية ومساعدة إيران وفنزويلا في مواجهة الوباء بالاستجابة لشروطها السياسية.
و كان التعبير الذي يعكس حقيقة الكيان الصهيوني العنصرية هو اتخاذ حكومة العدو إجراءات لمواجهة الوباء تطبق على المستوطنين وإجراءات تطبق على الفلسطينيين تحمل في طياتها تميزا عنصريا صريحا .
ان عدم إصغاء القوى الدولية الممسكة بسلطة القرار الدولي لنداءات غالبية دول العالم للعمل بشكل جماعي لمواجهة الجائحة الفيروسية واختيار السلوك الفردي والانتهازي يجب أن لا يواجه بالصمت وإبداء العجز بل بالتحرك السريع لخلق حالة من التعاون الفعال فيما بينها خارج منظومة مجلس الأمن ومجموعتي السبع والعشرين واللجوء إلى مثل هذا التحرك سيكون فعالا في المرحلة الراهنة للحد من خطر الفيروس على شعوبها ويشكل أساسا للتعاون المستقبلي في تخفيف عواقب هذه الجائحة الاقتصادية والاجتماعية .
لقد أظهرت جائحة كورونا مكامن الضعف في النظام الدولي القائم و أعراض الانتهازية والتسلط والهيمنة التي تتحكم فيه و على غالبية دول العالم اقتناص الفرصة من اجل بناء نظام عالمي جديد أساسة التعاون والمصالح المشتركة وعدم إفساح المجال أمام الشركات العابرة للحدود لتحويل الجائحة الفيروسية إلى فرصة لجني الإرباح فقط.