الثورة – ترجمة ختام أحمد:
بالنسبة للسوريين، كان عام 2025 نقطة تحوّل ملحوظة في تاريخ البلاد، إذ يمثل انتقالاً من خمسين عاماً من العزلة الدولية إلى المشاركة الدبلوماسية النشطة، ولا سيما مع العالم الغربي.
انطلق هذا التطور المحوري في كانون الأول/ديسمبر 2024، عندما انهار نظام بشار الأسد، وأصبح الرئيس أحمد الشرع، رئيساً لسوريا، وعيّن أسعد الشيباني وزيراً للخارجية.
ومنذ ذلك الحين، جرى حل “هيئة تحرير الشام” والجماعات المسلحة الأخرى، ودُمج العديد من أعضائها في الحكومة السورية التي شُكلت حديثاً، والتي تقود البلاد الآن.
سوريا بلا أعداء
مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لإسقاط النظام في سوريا، تجد البلاد نفسها على مسار دبلوماسي تزدهر فيه العلاقات الثنائية مع الدول الغربية، وهو احتمال لطالما بدا بعيد المنال.
وفي قلب هذا المسار، يقف وزير الخارجية أسعد الشيباني، الذي سافر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري وحده من “البيت الأبيض” في واشنطن إلى وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية في لندن، كما وصل إلى الصين يوم الأحد الفائت.
وقد قاد هذه الرحلات الدبلوماسية سعياً لحشد الدعم للحكومة السورية الجديدة.
ويمتد جدول أعماله من تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمار في البلاد، إلى الدعوة لرفع العقوبات التي فرضتها الدول الغربية في عهد الأسد المخلوع.
وطمأن السفير السوري السابق لدى المملكة المتحدة، سامي خيامي، المشككين، قائلاً لقناة “العربية الإنجليزية” :إن الإدارة الحالية في دمشق ملتزمة ببناء مستقبل لسوريا “خالٍ من الأعداء”، مسلطاً الضوء على مشاركتها الدبلوماسية النشطة.
وقبيل زيارة الشيباني إلى لندن، أضاف خيامي أن وزير الخارجية “سيعبّر عن آمال الإدارة وخططها الحقيقية”.
فرصة تاريخية
وقام الشيباني بزيارة إلى لندن يوم الأربعاء الماضي، في أول زيارة رسمية لمسؤول من الحكومة السورية الجديدة إلى المملكة المتحدة.
وصل الشيباني إلى لندن بجدول أعمال حافل، متوجهاً مباشرة إلى اجتماع خاص، بدعوة خاصة، مع أفراد الجالية السورية في بريطانيا بفندق “إنتركونتيننتال”.
وكانت فعاليات مماثلة قد عُقدت في كلّ من واشنطن ونيويورك عندما زار وزير الخارجية ، برفقة الرئيس الشرع، الولايات المتحدة في مناسبتين منفصلتين هذا العام.
وتهدف هذه الاجتماعات المجتمعية، التي تُعد محورية للبعثة الدبلوماسية لوزارة الخارجية، إلى تعزيز الروابط بين الشتات السوري ووطنه، ودعم جهود الإدارة في إعادة إعمار البلاد بعد سنوات من الصراع والعزلة الدولية.
وقال السفير البريطاني السابق لدى سوريا، سيمون كوليس: إن زيارة الشيباني الرسمية الأولى إلى لندن كانت “خطوة مهمة نحو إعادة تأسيس العلاقات الثنائية”.
وفي صباح اليوم التالي لوصوله، حضر الشيباني مراسم رفع العلم في السفارة السورية المغلقة منذ فترة طويلة في لندن.
ورفع وزير الخارجية بنفسه العلم فوق البعثة الدبلوماسية، في لفتة رمزية أشارت إلى أمرين:
أولًا، إعادة افتتاح السفارة رسمياً؛
وثانياً، تحسن العلاقات بين البلدين والتقدّم المهم الذي أُحرز منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وشارك وزير الخارجية في حلقة نقاشية عُقدت في وقت لاحق من ذلك اليوم في “تشاتام هاوس”، وهو مركز أبحاث مقرّه لندن. وفي كلمته خلال الفعالية، وصف لقاءه مع نظيرته البريطانية، وزيرة الخارجية إيفيت كوبر، بأنه “ناجح”، مضيفاً أن العلاقة بين البلدين تمثل “صداقة عميقة على الصعيدين الإنساني والاقتصادي”.
وأكد أن المسؤولية تقع الآن على عاتق الحكومتين “لاستغلال الفرصة التاريخية في سوريا”.
واستُؤنفت العلاقات البريطانية-السورية في تموز/يوليو من هذا العام، عندما قام ديفيد لامي، الذي كان وزيرالخارجية البريطاني آنذاك، بزيارة إلى دمشق للقاء الرئيس الشرع.
مع ذلك، لم تكن هذه أول زيارة رسمية بين البلدين بعد إزاحة الأسد؛ فقد زار مدير شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية والتنمية البريطانية دمشق بعد فترة وجيزة من تغيير النظام، في 21 كانون الأول/ديسمبر 2024.
وكانت بريطانيا قد قطعت علاقاتها الثنائية مع سوريا في عام 2012؛ رداً على حملة القمع العنيفة التي شنّها نظام الأسد المخلوع على شعبه.
وفي ذلك العام، أُغلقت السفارة البريطانية في دمشق، وفي العام التالي، أُغلقت السفارة السورية في لندن أيضاً.
وطوال عام 2025، ركزت السياسة الخارجية البريطانية تجاه سوريا على تخفيف العقوبات، كجزء من جهودها لتوسيع العلاقات الثنائية مع الإدارة الحالية.
ومن الجدير بالذكر أن المملكة المتحدة رفعت في شهر آذار/مارس العقوبات المفروضة على وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين، وفي الشهر التالي رفعت تجميد الأصول عن 24 هيئة مالية سورية كانت تُستخدم سابقاً لتمويل عمليات نظام الأسد المخلوع.
وفي تشرين الأول/أكتوبر، رفعت المملكة المتحدة “هيئة تحرير الشام” من قائمتها للمنظمات الإرهابية المحظورة، في خطوة قالت لندن : إنها “ستعني تعاوناً أوثق مع الحكومة السورية الجديدة”.
ومؤخرًا، رُفعت العقوبات عن الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب.
المصدر – Alarabiya english