ثورة أون لاين-درعا – جهاد الزعبي:
يبدو أن زيادة الإنتاج وتنوعه في محافظة درعا انعكست سلباً على المزارعين وجعلتهم بوضع لا يحسدون عليه .فالمزارعون ينتجون المحاصيل الوفيرة في المواسم الصيفية والشتوية ولا يجدون طرقاً سهلة لتصريف الفائض منها،والجهات المعنية تبدو شبه عاجزة عن إيجاد أسواق خارجية لتصديرها والنتيجة وقوع المزارعين في خسائر مادية أثقلت كاهليهم وخاصة بعد ارتفاع أثمان المستلزمات الأساسية للزراعة …
غلاء مستلزمات الانتاج …
في كل عام يصل إنتاج المحافظة من محصول البندورة الى أكثر من 400 ألف طن ، يتم استهلاك جزء من هذه الكمية في أسواق المحافظة ، و القسم الباقي وهو الأكبر من الكمية يتم بيعها في أسواق الهال بدمشق وغيرها من المحافظات بأسعار متدنية جداً تقل كثيراً عن تكاليف إنتاجها في عز موسمها ، فيتعرضون بالنتيجة للخسائر بسبب التكلفة الكبيرة للزراعة حيث أكد المزراع محمد المحمود من طفس أن كلفة زراعة هكتار البندورة تتجاوز الأربعة ملايين ليرة حالياً بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج من بذور وأسمدة وأدوية زراعية وشبكة ري واجور حراثة و ضمانة أرض وسقاية ومحروقات وأيدي عاملة وغيرها من نفقات …
وأشار فؤاد أحمد أن أثمان البذور والأدوية الزراعية والأسمدة زادت حالياً بشكل كبير تجاوز عشر أضعاف ثمنها عما كانت عليه قبل عام 2011 حيث يقوم أصحاب الصيدليات الزراعية ببيعهم المواد بسعر وقت تسديد الديون وليس بسعر وقت الشراء اذا أضطر الفلاح للاستدانة وهذا الأمر فيه غبن للمزارعين …
ونوه المزارع خلف الصايل أن ارتفاع أثمان الأسمدة مؤخراً ساهم بزيادة التكلفة حيث يصل سعر طن السماد حسب نوعه مابين 170- 200 ألف ليرة وبالتالي نستطيع القول أن المزراع يعمل للحفاظ على الزراعة وبالحد الأدنى لأنه ليس لديه أي مصدر رزق سوى ذلك العمل الذي توارثة وأخلص له ..
صمود الفلاح …
وبين منصور العثمان أن صمود الفلاح بدرعا خلال سنوات الأزمة وإصراره على الزراعة والانتاج ولو بدون أرباح أمر له مدلولاته رغم صعوبة الظروف وارتفاع أثمان مستلزمات الانتاح بسبب الحصار الجائر على سورية ..منوهاً أن مزارعي درعا واظبوا على الزراعة ولو بالحد الأدنى من المساحات وذلك لتوفير مختلف أصناف الخضار والحبوب من قمح وغيره للمواطنين ودعم صمود الوطن بوجه الحصار الظالم وتوفير لقمة العيش للمواطنين..
وطالب المزراعين بضرورة توفير البذور والأسمدة والأدوية الزراعية وغيرها من مستلزمات زراعية بأسعار مشجعة ومدعومة وتقديم المنح للمزارعين عبر صناديق دعم مخصصة لهذه الغاية ..
وذكر علي الأحمد أن معاناة ومشكلات مزارعي البندورة بدرعا تفاقمت بعد اغلاق شركة كونسروة المزيريب. حيث لم يعد بمقدور هذه الشركة أن تتسوق أي كمية من بندورة المحافظة بعد أن تم اغلاقها في بداية عام 2005 والحاق الأبنية لمؤسسة التبغ ، في حين كانت تتسوق نحو 15 ألف طن من بندورة المحافظة سنوياً لتحويلها الى رب بندورة معلبة وكانت الشركة تشتري الانتاج من بندورة وفول وبازلاء وحمص وغيرها من محاصيل زراعية بسعر مدعوم من الفلاحين .وطالب الفلاحين بضرورة إعادة تفعيل وتشغيل شركة كونسروة مزيريب وتطوير عملها لتكون نواة مجمع للصناعات الزراعية والغذائية بالمحافظة …
مشكلةالتسويق …
وفي الواقع.. فإن مشكلات تسويق المحاصيل الزراعية بدرعا لا تتوقف عند حدود محصول البندورة ، بل تتعرض منتجات زراعية أخرى لصعوبة التسويق والتصريف وتدني أسعارها وقت موسمها بدرعا ، وتسبب هذه الصعوبات خسائر كبيرة لمنتجيها ، ومن المنتجات الهامة بالمحافظة البطاطا، ففي عز موسمها بدرعا تتراجع أسعارها بشكل كبير نظراً لعدم وجود أسواق تصريف داخلية وخارجية للفائض من هذه المادة .حيث وصل إنتاج البطاطا بدرعا في العام الماضي الى60 ألف طن.
ونشير هنا الى أن هناك محاصيل زراعية في المحافظة تواجه مشكلات في التسويق ويتعرض منتجوها للخسائر بسبب تدني الأسعار الذي تصل إليه جراء ذلك ومنها الجزر و الباذنجان الذي يصل إنتاجه السنوي الى 25 ألف طن والبطيخ الذي يقدر إنتاجه في السنة 125 ألف طن وكذلك الفليفلة التي يتجاوز إنتاجها في كل عام 20 ألف طن ، حيث إن الكميات الفائضة عن حاجة المحافظة من هذه المحاصيل لاتجد طريقها للتصدير الخارجي من جهة ولا يتم تصريفها في أسواق المحافظات من جهة أخرى إلا إذا تم طرحها بأسعار متدنية جداً.
حصار جائر ….
وأشار محمد الجندي عضو اتحاد فلاحي درعا إلى أن الفلاحين بدرعا كان لهم الدور الكبير في دعم صمود الوطن وتوفير الطعام للمواطنين ، رغم الحصار الجائر على سورية وعملوا خلال سنوات الأزمة على توفير المنتجات الزراعية والغذائية للمواطنين رغم تعرضهم للخسائر ..موضحاً أن المحافظة منتجة بإمتياز للخضار الشتوية والصيفية والبندورة والبطاطا وهناك فائض كبير بالانتاج ، ونتمنى المساعدة في تصريفه في وقت موسمه وفتح مدينة للصناعات الزراعية بالمحافظة والبحث عن أسواق خارجية لتصريف الفائض وتوفير المستلزمات الزراعية بأسعار مناسبة للفلاحين ..
غلال وفيرة …
و في هذا المجال أكد المهندس عبد الفتاح الرحال مدير الزراعة بدرعا بأن تزايد إنتاج الخضار بدرعا وما ينتج عنه من هموم وخسائر مادية للمزارعين في بعض الأحيان لا تعود لتجاوز الخطط الزراعية المقررة وعدم التقيد بها فقط ، بل تعود زيادة الإنتاج لنشاط المزارعين واستثمارهم الأمثل للأراضي الزراعية واستخدامهم لتقنيات الري الحديثة والبذور المحسنة. حيث تقدم الدولة مستلزمات الانتاج وتقنيات الري الحديث وغيرها من أمور تساهم بتطوير العمل الزراعي وزيادة الانتاجية بوحدة المساحة ..
أخيراً …
ومن هنا نكتشف بسهولة بأن المعضلة الأساسية التي تجعل من زيادة إنتاج الخضار بدرعا هماً يؤرق المزارعين ويكبدهم الخسائر المالية، هي صعوبة تصريف الفائض من تلك المنتجات وعدم ايجاد منافذ خارجية لتصديرها وقت موسمها وعدم توفير معامل محلية لتصنيع وتخزين بعض أصنافها كالبندورة وزيت الزيتون والبازلاء والفول والتين والرمان والعنب والبطاطا والبصل والثوم ..
إذ لو توفرت الأسواق والمنافذ الخارجية الكافية لتسويق هذه المنتجات الزراعية، لتحسن الوضع المعيشي والمادي للمزارعين وربحت الدولة ، ولعل الأمر الآخر الذي يؤرق المزارعين هو ارتفاع تكاليف مستلزمات الانتاج من بذور وأسمدة وأدوية ومحروقات واجور الأيدي العاملة وضمانة الأراضي ، فأسعار هذه المفردات عالية مايرفع تكاليف الإنتاج ويساهم في خسارة المحصول أثناء تسويقه …