مازن جلال خيربك
في الحياة ثمة حقيقة تأكل بعضها بعضاً ولا تؤدي الغرض منها، بل تقود إلى تشعّبات وتعقيدات تهون معها المشكلة الأصلية..
تقول المثيولوجيا الإغريقية إن القواعد فرضت على حلاق جزيرة كريت أن يحلق لمن لا يعرف كيف يحلق لنفسه، ولا يحلق لمن يعرف أن يحلق لنفسه.. وعلى اعتبار الحلاق يعرف كيف يحلق لنفسه عليه ألا يحلق لنفسه.. وباعتباره ممن لا يمكنهم الحلاقة وجب عليه أن يحلق لنفسه.. لتعود الكرّة إلى البداية..
ذات الحلقة المتآكلة تنهض وبشكل يومي في حياتنا، مع فارق ضخم وهو أن الحلاق أسطورة، في حين أن جشع التجار والصناعيين حقيقة تقضم بأنيابها يومياً مئات البشر، وما من حل لكل هؤلاء المطحونين بسبب التجار، فالتموين تختال بضبوط هزيلة العدد والمضمون.. والمالية ليست أفضل حالاً إذ يعجز فرويد بدهاليز إناه ورغباته عن تفسير إصرار المالية على غض البصر عن هؤلاء، وهم من هم في التهرب الضريبي ودفع أقل من ربح أسبوع كضريبة سنوية لسورية..
الخطير في الأمر أن فجوة بدأت تظهر في المعروض السلعي في الأسواق لكون البائع غير قادر على استجرارها من الموزع، لأن هذا الأخير لا يرفقها بفاتورة تبعاً للسعر المحدد للبيع من المستودع، والذي يفوق بمراحل النشرات السعرية التموينية رائعة التنسيق والطباعة، بالطبع لكون صاحب المستودع او تاجر الجملة يرفض رفضاً باتاً منح فاتورة باعتبارها وثيقة تستخدم ضده وتفرض عليه تقليل الربح ولو بنسبة 1%..
اما ثالثة الأثافي والحقيقة التي تلقم حجراً كل سائل عن السلعة، فهي أن التموين متربص بالبائع لينزل به ضبطاً مهولاً جديراً بزمالة المعلّقات، الأمر الذي يعيد إنتاج السؤال الخاص بالمالية نفسه عن نفاذ رصيد التموين من الجرأة أمام تجار الجملة وأصحاب المستودعات، وكلنا (وأولنا التموين) يعرف أن سعر المبيع والسلعة مصدرهما من تاجر الجملة، لتكون النتيجة غياب السلعة كما يحدث حالياً بدءاً من السكر مروراً بالطحين والزيت وعشرات السلع الأخرى الأساسية في حياة المواطن..
إن لم يوجد الحل الناجع فالمشكلة كبيرة جداً، ولن ينفع معها عقاب تاجر أو تصريح يتضمن عبارة “الأخ المواطن”.. ومع ذلك فالأمل بالشرفاء قائم..