محمود ديبو
جاءت مبادرة اتحاد الفلاحين عبر جمعياته المنتشرة في جميع القرى والمناطق لتثبت أن هناك ما يمكن أن نفعله في مواجهة موجات الجشع والاستغلال التي تغص بها أسواقنا المحلية، فالأمر لم يكن يحتمل المزيد من الانتظار لعقد الاجتماعات والمناقشات وتشكيل اللجان وإصدار التعليمات والقرارات، واستطاعت تلك الخطوة أن تحدث فرقاً في بعض الأسواق، وتحقق معها بشكل جلي وواضح شعار (من المنتج إلى المستهلك) عندما قامت بشراء منتجات الفلاحين من خضار وفواكه وباعتها مباشرة إلى المستهلك مختصرة بذلك عدداً من الحلقات الوسيطة التي كانت تمر بها من سماسرة وتجار أسواق الهال وصولاً إلى باعة المفرق..
ما يعني أن هناك الكثير مما يمكن فعله فيما لو توافرت الإرادة الحقيقية والجدية لإعادة التوازن إلى الأسواق وإغلاق منافذ الاستغلال التي أنهكت المستهلكين وضيقت عليهم سبل العيش، وهو ما كنا ننتظره من (السورية للتجارة) التي تتوفر لديها الإمكانات المادية والقانونية والبشرية مقارنة بإمكانات الجمعيات الفلاحية المحدودة، لا أن يقتصر دورها على تكديس الطوابير على أبوابها للحصول على المقننات (الذكية)، في وقت لا يجد فيه المستهلك ذلك الفرق الواضح في أسعار الخضار والفواكه وباقي السلع الاستهلاكية في صالاتها ومنافذ بيعها.
ولم يقتصر الأثر الإيجابي لمبادرة الجمعيات الفلاحية على المستهلكين فقط، وإنما كان للفلاح حصة، بأن حصل على سعر مناسب بدون أن يخضع لتحكم التجار والسماسرة، الذين لم ينصفوا الفلاح في كثير من الأحيان..
ما نود قوله هنا إن قراءة واقع الأسواق وحركة الأسعار ليس بالأمر العسير وهو ليس لغزاً ولا سراً تستأثر به قوى السوق، وبالتالي فإن الإمكانية ستكون متوافرة دائماً لتقوم الجهات المعنية، فيما لو أرادت ذلك، بتغيير المعادلات التي تحاول بعض قوى السوق أن تفرضها لتحقق مصالحها على حساب المستهلكين، مستغلة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد..!!.