أديب مخزوم
تسلط دار الأوبرا في دمشق الضوء، في برنامج أمسياتها الغنائية، على الأصوات الأوبرالية، في خطواتها الرامية إلى تقريب هذا الفن الراقي من الأذن العربية، محققة بذلك مقولة “الأذن وما تسمع” رغم أن الأوبرا لا تزال بعيدة ومنفصلة تماماً عن الذوق العام في مجتمعنا العربي.. وكانت عفاف راضي إحدى أشهر مطربات العصر الذهبي، قد قدمت أمسية في الدار، في الموسم الماضي، وهي التي بدأت حياتها الفنية بالغناء الأوبرالي منذ السبعينات، إلا أنها ما لبثت أن تحولت عنه، إلى الغناء الشرقي للوصول إلى القاعدة الجماهيرية. وكان بليغ حمدي من أكثر الملحنين الذين دفعوها نحو التألق والشهرة الواسعة، حيث غنت من ألحانه معظم أغانيها الأولى الناجحة (ردوا السلام، ووحدي، وجرحتني عيونه السودا، وعطاشى، وغيرها). ومع محمد الموجي حدث تحول في اتجاهها الغنائي، حين غنت من ألحانه (الحلو تبسم، ويهديك يرضيك، وطير يا حمام الدوح وغيرها)، كما تعاون معها: كمال الطويل وسيد مكاوي ومحمد سلطان وغيرهم، ورغم نجاحها الكبير وشهرتها الواسعة، ظل البعض يقولون بأن صوتها أوبرالي، ولا يصلح للغناء العربي.
وعفاف راضي تجمع بين العلم والتجربة، فهي حائزة على درجة الدكتوراه، بموضوع التأليف الموسيقي، وتضمنت رسالتها للماجستير قراءة تحليلية نقدية لكيفية إعداد المطرب القادر على الغناء العربي، استناداً إلى ما قدمه محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وغيرهما.
هكذا تركز إدارة دار الأوبرا على الأصوات التي تؤدي الأغاني الأوبرالية أو الشرقية الأصيلة، وسط هذا السيل الجارف من أغاني الموجة الهابطة، التي لا يربطها شيء بأي لون من ألوان الغناء الحقيقي العربي أو الغربي، فضلاً عن العجز الواضح والجهل في أصوات المطربين والمطربات، حتى إن معظم نجوم اليوم لا يعرفون المقامات، ولا يجيدون العزف على أي آلة، ويزداد هذا الشعور، حين نعلم أن أكثرهم شهرة، هو أجهلهم في العلوم الموسيقية والغنائية، وأكثرهم عجزاً في الصوت والأداء.