من الأمثلة الشعبية التي ربما تنطبق في مضمونها على ما نعيشه اليوم في ظل الوباء الذي بات مالئ الدنيا وشاغل الناس أن “الكذبة تقطع نصف الكرة الأرضية قبل أن تنتعل الحقيقة حذاءها”، فانتشار الشائعات والمقولات والتحليلات التي لا تستند في معظمها إلى مصدر علمي أو مرجعية موثوقة غالباً ما نجدها حاضرة بقوة في زمن الأزمات والأوبئة، فكل ينصّب نفسه داعية أو حكيماً أو عالماً يفتي بما تجود به قريحته أو ربما إرثه مستثمراً في ذلك تلك الفضاءات المفتوحة بصفحاتها الزرقاء على العالم.
فبعد أن أقفل الناس أبوابهم في حجر منزلي، أطلقت العولمة أسلحتها لتجعل من البيوت المتعددة بيتاً واحداً ومن الدول المترامية الأطراف دولة مشتركة، وسادت عبر ذلك موجات من الشائعات ساهم العديد في تكريسها عبر تداولها لينجرف خلفها الملايين من الناس كل يفسر الوباء على هواه، فجعله البعض من علامات نهاية العالم، وقسم كبير وجده عقوبة إلهية، والقائمة تطول.
فهل يعقل أن نكون في زمن التقدم الفضائي والتكنولوجي والحضاري ونركن لتلك النظريات الواهية، أم هو الخوف والقلق الذي أضاع البوصلة فوهن العقل حتى عاد إلى بدائيته وغاص في عالم الوهم؟
وربما رصدت رواية” العمى” هذه الحالة مستخدمة العمى البصري كدلالة رمزية على عمى الفكر وهشاشة الأخلاق والمبادئ الإنسانية في أوقات الأزمات، ما يتطلب ما أطلق عليه مصطلح “مناعة القطيع” الذي يؤكد في محتواه على أنه كلما زاد عدد الأشخاص ممن لديهم مناعة ضد الأخبار الكاذبة باعتبارها مرضاً مزمناً، يصبح من الصعب انتشارها.
وهذا بالطبع يتطلب تضافر جهود المثقفين في بث الوعي بين أفراد المجتمع عبر المبادرات الإيجابية، والتي لا يمكن تجاهل ظهور البعض منها، في محاولات جادة لبث الأمل والفرح وأن الوباء لاشك إلى زوال.
رؤية- فاتن أحمد دعبول