بعد صدور قانونه..هل ستستطيع الجهات المعنيّة ضمان انطلاقة فعّالة للتأجير التمويليّ..؟

ثورة أون لاين- باسل معلا :شهدنا منذ فترة صدور المرسوم التشريعيّ القاضي بترخيص وتأسيس شركات التأجير التمويليّ وشركات الإجارة الإسلاميّة بشكل شركات مساهمة كما تضمّن الأحكام العامّة لعقود التأجير التمويليّ والموادّ الناظمة المحدّدة لعمليات ترخيص شركات التأجير التمويليّ وآلياّت المعالجة الضريبيّة والمحاسبيّة المتعلّقة بها والقواعد القانونيّة المحدّدة لحقوق وواجبات المؤجر والمستأجر والعقوبات المترتّبة في حالات مخالفة القوانين.
الحقيقة أنّ ثمّة الكثيرين من السوريّين لايملكون أيّ معلومات عن ماهية التأجير التمويليّ وأهمّيته وإمكانيّة تطبيقه في سورية في حين أنّ الكثيرين قد نادوا وطالبوا بضرورة البدء في غمار التأجير التمويليّ خاصّة مع الانفتاح الاقتصادي الذي تعيشه سورية وفعلاً  بعد مرور سنوات وبعد صدور القانون وإقراره نتساءل:
ما معنى التأجير التمويليّ؟
وهل ثمّة إمكانيّة للاستفادة منه في سورية؟
وما أفضل الطرق لتطبيقه والاستفادة منه؟
للإجابة عن هذه التساؤلات سنقوم بالتطرّق لهذا الملفّ بشيء من التفصيل محاولة منّا للإجابة عن هذه التساؤلات.
_ ترتيبات جارية وعقد اتفاق
التأجير التمويليّ Leasing هو عبارة عن ترتيبات تجاريّة أو عقد اتفاق ينتقل بمقتضاه إلى المستخدم المستأجر (Lease) حقّ استخدام أصل معيّن مملوك للمؤجر (Lessor) خلال فترة زمنيّة معيّنة مقابل القيمة الإيجاريّة المتّفق عليها، أو بصيغة أخرى فإنّ التأجير هو اتفاق تعاقديّ بين الطرفين يخوّل أحدهما حقّ الانتفاع بأصل مملوك للطرف الآخر مقابل دفعات دوريّة لمدّة زمنيّة محدّدة.
ويرى الخبراء أنّ القانون سيسهم بوضع حدّ للصعوبات التي تواجه المستثمرين في الحصول على القروض وعلى رأسها الضمانات المطلوبة، كما يسهم في توفير التكاليف والروتين في الحصول على القروض، وبالتالي وضع حدّ لعزوف كثير من الشركات السوريّة عن السعي للحصول على القروض من المصارف أو المؤسّسات الماليّة واللجوء للحصول على التمويل إمّا من مصارف خارجيّة أو من العائلة والأقارب، وهو ما أدخل بعض الشركات تحت محظورات القانون الذي يحظّر جمع الأموال.
_ قانون ليس حديث الطرح
تجدر الإشارة إلى أنّ مشروع القانون ليس حديث الطرح بل بدأت الدراسات عليه منذ العام 2007 واستمرّت خلال الأعوام الماضية حيث أنجزت اللجنة الدارسة أعمالها خلال عامين، وأقرّ في اللجنة الاقتصاديّة في مجلس الوزراء وتمّت إحالته إلى مصرف سورية المركزي الذي يعدّ الجهة المشرفة على شركات التمويل التأجيريّ المزمع إطلاقها وتأسيسها في سورية، وبدوره استطلع الآراء والملاحظات عليه من السوق بهدف تجاوزها.
وبيّنت مصادر برئاسة مجلس الوزراء أنّ القانون الجديد سيسمح للشركات العربيّة والأجنبيّة العمل بالتمويل التأجيريّ في سورية و من أهمّ مزايا هذا النوع من التمويل أنّه لا يحتاج إلى ضمانات كغيره من أنواع التمويل الأخرى، بل سيتمّ الاكتفاء بأقساط التمويل على أن يتمّ في نهاية عقد التأجير دفع مبلغ بسيط مقابل الفراغ، كما أنّ القانون الجديد سيختصر الوقت كون الضمانات متوافرة بشكل روتينيّ ففي حال التوقّف عن دفع الأقساط يتمّ استرداد التجهيزات المؤجرة ولاسيّما أنّ مشروع القانون نصّ على اقتصار الموادّ المؤجرة لأدوات الإنتاج والآلات والأراضي، كما تمّ استبعاد السيّارات السياحيّة والتجهيزات المنزليّة إضافة إلى كونه ألزم المستأجر بعقد التأمين على التجهيزات.
_ ضمانة أكيدة
إنّ ملكية المأجور في مشروع القانون تعدّ ضمانة أكيدة للمؤجر وستستفيد منه الشريحة الأوسع من الناس التي لا تستطيع الدخول إلى المصارف التقليديّة، كما أنّ المبلغ الذي يعطى هو لشراء وسيلة إنتاج وليس اتّفاقاً تضخّميّاً استهلاكيّاً, و سيساعد المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة في تنفيذ مشاريعها وسيدخل القطاع المصرفيّ في هذا النوع من التمويل بغضّ النظر عن الأملاك التي يملكها المستأجر حيث إنّه في الأحوال العاديّة تسبق إشارة الرهن على العقار وغيرها من الضمانات جميع الإجراءات، أمّا بوجود هذا النوع من التمويل فلا حاجة لهذه الضمانات.
_ علاقة ثلاثية بدخول المورّد
ولفتت المصادر إلى أنّ التمويل التأجيريّ يتضمّن إشراف المموّل على الآلات والتجهيزات وأنّ العلاقة ثنائية بين المموّل /البنك/ والمستفيد /المستثمر/ حيث إنّ القانون أجاز أن تكون العلاقة ثلاثيّة بدخول المورّد إلى هذه العمليّة من خلال شرائه للآلات والتجهيزات الأخرى, ونصّ القانون على اعتبار التأجير التمويليّ كمرجع تعاقديّ بين شركة التأجير التمويليّ والعميل المستأجر، للانتفاع بالمأجور الذي قد يكون آلات وعقارات خلال فترة زمنيّة محدّدة مقابل أقساط دوريّة يتّفق عليها مسبقاً، بحيث يمارس المستأجر أحد ثلاثة خيارات فإمّا أنْ يقوم بإعادة المأجور بلا قيد أو شرط أو إعادة استئجاره لمدّة جديدة لقاء بدل مخفّض أو شرائه بثمن مخفّض، وهو ما يوفّر فرصة الإيجار المنتهي بالتمليك للصناعيين وأصحاب المشروعات.
_ التأجير التمويليّ والمخاطر الأقلّ
ورغم إجماع معظم الخبراء على أنّ التأجير التمويليّ ذو مخاطر أقلّ بسبب بقاء ملكيّة الأصل «المؤجر» للمؤجر الأمر الذي ينفي الحاجة إلى ضمانات إضافيّة، إلا أنّ ثمّة توقّعات أن يواجه عقد التأجير التمويليّ في سورية العديد من العقبات والصعوبات بسبب عدم وجود قيود خاصّة تسجّل فيها مثل هذه العقود، وبالتالي يمكن أن يحجز دائنو المستأجر على هذه الآلات والمعدّات وعلى حقّ استثمار العقارات، ممّا يؤدّي إلى ضياع حقوق شركات التأجير التمويليّ.
_ الاستفادة من التمويل
وفي هذا المجال فإنّ القانون سيعطي الشركات فرصة الاستفادة من التمويل بصيغته الإسلاميّة والتقليديّة دون أن يكون هناك حاجة لبيانات ماليّة، خاصّة أنّه لا يوجد في سورية سجلّ لإشهار عقود التأجير التمويليّ وبالتالي لا يمكن للغير أن يكتسب حقوقاً على المأجور.
هذا ونبّه الكثير من الخبراء إلى خطورة هذا النوع من التمويل على اعتبار أنّه محفوف بأنواع كبيرة من المخاطر ولاسيّما أنّ المصارف العاملة في سورية ما تزال تعمل بعقليّة الدكاكين كونها لا تتحمّل المخاطر وإنّما يتحمّل المستثمر المخاطر كاملة مؤكّدين  ضرورة أن يلحظ مشروع القانون الجديد هذا الجانب وأن يحمِّل البنوك جانباً من المخاطر.
_ محاولات لتجنّب المخاطر
من جانبه كان مدير إدارة الرقابة الشرعيّة في بنك سورية الدوليّ الإسلاميّ الدكتور يوسف شنار قد صرّح أنّه لا يوجد في البنوك الإسلاميّة شيء اسمه ضمان مخاطر وإنّما محاولات لتجنّب المخاطر حيث يتمّ الحصول على ضمانات من شركات تأمين إسلاميّة مع تنفيذ صيانة دوريّة تضمن صحّة بقاء العقار أو المؤجر، والبنك مسؤول عن هذا الجانب ولو تلفت بدون تقصير أو تعدٍّ من المستأجر يجب على البنك أن يؤمّن للمستأجر بديلاً عنها.

وكشف شنار عن أنّ مشروع القانون الجديد حمَّل بعض التبعات من حيث المخاطر والاهتلاك للمستأجر والبعض الآخر للمؤجر.
_ الضوابط الشرعيّة
وأكّد أنّ التمويل التأجيريّ سيكون مضبوطاً بشكل فعليّ بالضوابط الشرعيّة خاصّة أنّه عرض على الهيئة الشرعيّة العليا للبنك المركزيّ؛ التي قامت بوضع الضوابط عليه قبل رفعه، مع مراعاة عدم الخروج من المسمّيات لأنّ الضوابط التي ستخرج منه شرعيّة وسيكون له فائدة كبيرة للبنك وللمستأجر وسيتمّ تطبيقه في المصارف الإسلاميّة في سورية.
ودعا إلى التفريق بين التمويل التأجيريّ والإجارة المنتهية بالتمليك معتبراً أنّ النوع الأخير لا يخرج عن كونه عقد إجارة تترتّب عليها أحكام الإجارة ويقترن معها عقد بالتمليك بنهاية مدّتها تماماً.
_ مجمع الفقه الدوليّ يؤكّد
وبيّن أنّ مشروعيّة الإجارة بالتمليك تأكّدت بقرار من مجمع الفقه الدوليّ الذي أصدر سنة 2004 قراراً أجاز الإجارة المنتهية بالتمليك وهي تختلف عن التمويل التأجيريّ المتّبع في البنوك التقليديّة موضحاً أنّه في عقد التمويل التأجيريّ يجتمع البيع والإجارة في عقد واحد وفي آن واحد، أمّا الإجارة المنتهية بالتمليك فهي مبنيّة على عقد الإجارة حصراً لكنّها ترتبط بعد ذلك بآخر أجرة يدفعها المستأجر للمؤجر حيث يكون هناك عقد بيع قطعيّ بسعر رمزيّ أو عبارة عن عقد بِهِبة معلّق أو وعد بهبة.
وأضاف أنّ الفرق بين الإجارة المنتهية بالتمليك والتأجير التمويليّ أو البيع التأجيريّ أنّ النوع الأخير مطبّق في البنوك التقليديّة فقط، موضحاً أنّ البنوك الإسلاميّة أجازت الكثير من الصور التي خرجت في حين لم تجز البعض الآخر.
_ نَوْعَا الأجر
وقال نحن متّبعون الإجارة المنتهية بالتمليك، حيث نشتري العقار ويتملّكه البنك ثمّ يؤجّره لمدّة قد تكون سنة أو سنتين لكنّ الحدّ الأقصى هو 15 سنة وفي نهاية المدّة نبيع هذا البيت إمّا بعقد هبة معلّق أو بسعر رمزيّ، لأنّ الأصل أنّ الأجرة المسدّدة شهريّاً تحمل نوعين من الأجر: قسم ثابت ممثل بأجرة البيت وأجرة متغيّرة – ثمن المأجور – وهي تختلف من سنة لأخرى قد تزيد وقد تنقص ضمن المؤشّرات التي يضعها البنك الإسلامي.
وأضاف أنّ هناك نوعين من الإجارة: إجارة تشغيليّة وإجارة تمليكيّة، والإجارة التشغيليّة هي عبارة عن معدّات يستحوذها البنك باسمه ويتمّ تأجيرها لعدد من الأشخاص ويمكن أن يبيعها في السوق بسعر أقلّ من ثمنها، أما الإجارة التمليكيّة والتي تعدّ من الصور الجديدة التي وجدت في البنوك الإسلاميّة والمتّبعة في البنوك الإسلاميّة في الخليج، والآن بدأت في سورية، وهي تتميّز بمرونة كبيرة نظراً لقلّة الأقساط ومدّتها الطويلة وبالتالي تساعد في القضاء على التضخّم لكون المرابحة أقل من 15 سنة.
ولفت شنار إلى أنّ الإجارة التي يتّبعها البنك تختلف عن الإجارة التمويليّة حيث يتملّك البنك المأجور ويتحمّل المخاطر المبنيّ عليها، حيث يتحمّل هلاك العين وصيانته والتأمين عليه، وقال بدأنا الإجارة المنتهية بالتمليك، هي ليست منتجاً جديداً على بنك سورية الإسلاميّ ففي العام الماضي وقّعت ثلاثة عقود إجارة منتهية بالتمليك.
_ الإجارة من صيغ التمويل
واعتبر الدكتور شنار أنّ الإجارة كصيغة من صيغ التمويل تقدّم العديد من الفوائد للمؤجّر لكونها أقلّ مخاطرة من المضاربة والمشاركة وتتمتّع بإيراد شبه ثابت ومستقرّ وسهل التوقّع وتتطلّب إجراءات أقلّ تعقيداً إضافة إلى كونها ضمـاناً قــويّاً، ناهيك عن مرونة الأقسـاط الإيجاريّة والقدرة على التحكّم فيها ووسيلة للحماية من التضخّم وتيسر الأعمال الإداريّة والمحاسبيّة، ولا تضغط على السيولة النقديّة وفي كثير من الأحيان لا تتمتّع بمزايا ضريبيّة كما تضمّن انتقال المخاطر العامّة والممكنة الوقوع إلى المؤجّر.
وبيّن أنّ أساس الإجارة المنتهية بالتمليك المعتمدة حالياً في البنوك الإسلاميّة أن يقتني البنك موجودات وأصولاً استجابة لطلب مؤكّد من أحد عملائها لتملّك تلك الأصول عن طريق الإجارة المنتهية بالتملّك وفي نهاية عقد الإجارة تنتقل ملكيّة الأصول المؤجرة إلى المستأجر.
ولفت إلى أنّ البنك يحسب الأجرة الإجماليّة غالباً على أساس تكلفة الأصول بالإضافة إلى ربحها، وتقسّط الأجرة على مدّة العقد بعد ذلك موضحاً أنّ هناك صورتين أساسيتين يتمّ بموجبهما تمليك العين للمستأجر بعد انتهاء مدّة الإجارة وهما: عقد إيجار مع الوعد بهبة العين المستأجرة على أن تكون الهبة بعقد منفصل وعقد إيجار مع وعد ببيع العين المستأجر مقابل مبلغ (رمزي أو حقيقي) يدفعه المستأجر على أن يكون ذلك بعقد منفصل.
_ عمل المصارف والتأجير التمويليّ
على الرغم من أنّ المنطق يقودنا للتفكير بأنّ هذا النوع من التمويل سيكون جزءاً من عمل المصارف، لكن يرى الخبراء أنّه في ظلّ القوانين التي تحكم عمل المصارف سيكون ذلك غير ممكن، لأنّ هناك مادّة في قوانين المصارف لا تسمح لها بمزاولة أيّ نشاط تجاريّ، ولكنّنا في الوقت ذاته أمام مشكلة، وهي أنّ هذا النوع من التمويل الذي يمسّ كلّ احتياجات الحياة، يحتاج إلى مؤسّسات ماليّة مليئة، يمكنها أن تشتري أصولاً بمختلف أنواعها وبقيم كبيرة، وتؤجّرها إلى مدى زمني طويل، ويحتاج إلى تشريع قانونيّ واضح ودقيق يضمن حقوق الأطراف التي ستدخل في هذا النوع من التمويل.
ويشير الدكتور رغيد قصوعة، الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق إلى أنّ مشكلة التشريع القانونيّ أنّه يحتوي أربعة عقود متداخلة: عقد إيجار، وعقد تمويل بالانتفاع، وعقد وعد بالبيع، وعقد بيع، منوّهاً أنّه حتّى في فرنسا حيث لهذا النوع من التمويل تاريخ عريق، واجه التشريع الفرنسيّ مشكلات عديدة في هذا الموضوع.
ويعتبر الدكتور قصوعة أنّ أسلوب التمويل هذا أصبح في كثير من دول العالم بديلاً عن التمويل التقليديّ لأنّه يخفّف العبء عن رأس المال العامل، فإذا كان البنك يغطّي في القروض التقليديّة من 60 – 80٪ من قيمة الأصل، فتصل التغطية في هذا النوع من التمويل إلى 100٪ أحياناً.
وعلى الصعيد الاقتصاديّ، يضيف قصوعة: «لهذا النوع من التمويل عدّة مزايا أخرى، فهو يحقّق وفراً ضريبيّاً، لأنّ الإيجار الذي يدفعه المستأجر للمؤجّر يخفض من دخله الخاضع للضريبة، كما أنّه يخفي الديون، فلا تظهر الديون الناجمة عن التأجير التمويليّ من الدخل الخاضع للضريبة، لذلك قد يؤدّي شيوع أسلوب التأجير التمويليّ على الصعيد الاقتصاديّ إلى تشجيع ظهور شركات كبيرة، وتشجيع الناس على إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسّطة بكلف معقولة، مع أنّ الدكتور رغيد يعتقد أنّ الخلل لا يكمن في التمويل، فالمشكلة تتعدّى توفّر الفوائض الماليّة إلى القوانين والتشريعات والبيئة الاستثماريّة الجاذبة.
_ تفاؤل بصدور القانون
صناعيّ آخر أبدى تفاؤله بصدور مثل هذا القانون، ورأى أنّ المشكلة الأهمّ في عدد سنوات الامتلاك لأنّها هي التي ترفع الأجرة، وأوضح أنّ ما يهمّ الصناعيّ اليوم هو رأس المال العامل أكثر من رأس مال الآلات، غير أنّ صدور التشريع القانوني لم يمنع بعض المؤسّسات الماليّة والعقاريّة من مقاومة إغراء اللجوء إلى أسلوب تمويليّ يقترب من التأجير التمويليّ، لأنّهم يتوقّعون أن يلاقي رواجاً كبيراً بين الناس على غرار ما حصل في عدد من الدول العربيّة، حتّى أصبحت من أكثر الوسائل التمويليّة نجاحاً في تمويل المشاريع المتوسّطة والصغيرة وامتلاك البيوت والسيارات بشروط ميسّرة، وقد وجدت بعض الشركات العقاريّة التي دخلت مؤخّراً إلى السوق السوريّة في هذا الأسلوب التمويليّ، فرصة جديدة لتقديم عروض طويلة الأجل تحت عنوان «التأجير المنتهي بالتمليك» للترويج للمساكن التي تنجزها وتشجيع الزبائن على الإقبال عليها.
وليست هذه التجربة الوحيدة، فالدراسة التي قدّمها المصرف التجاريّ السوريّ عن «القرض لشامل»، وهو يختلف عن «العادل»، يشتمل في بنوده على ما يشبه التأجير التمويليّ مع تعديلات طفيفة في التفاصيل، ولكنّه لا يزال قيد البحث والدراسة.
_ تشجيع بيئة الأعمال
وحدها البنوك الإسلاميّة يسمح لها قانون إحداثها بأن تقدّم هذه الخدمة لجزء من خدمات الصيرفة الإسلاميّة تحت مسمّى «الإجارة» والمنتهية بالتمليك، وكان لمصرف سورية الإسلاميّ بضع تجارب في هذا المجال فيما يتعلّق بالمجال العقاريّ.
وفي هذا الإطار كان عبد القادر الدويك، الرئيس التنفيذيّ لبنك سورية الدوليّ الإسلاميّ قد أشار إلى أنّ هذا الأسلوب «الإجارة المنتهية بالتمليك» هو عبارة عن عقد إجارة ترتّبت عليه جميع أحكام الإجارة، واقترن فيها وعد بالتمليك وعقد هبة معلّق في نهاية مدّتها، وهي من الصيغ الإسلاميّة الجديدة التي لقيت رواجاً كبيراً في المجتمع السوريّ من مختلف الفئات والشرائح أفراداً وشركات بسبب جاذبيّة الإنتاج وتلبيته لطموح الراغبين بالحصول على التمويل اللازم، سواء لامتلاك منزل أو الحصول على تمويل المشروعات ذات الجدوى الاقتصاديّة، وهذه الأخيرة تحظى باهتمامنا لأنّها تسهم في تحقيق التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
وبين الدويك أنّ صدور قانون التأجير التمويليّ سيكون له دور في تشجيع بيئة الأعمال، وهو يشكّل حلقة أساسيّة لاستكمال القنوات التمويليّة في سورية، وأداة مهمّة في تمويل المشاريع وتخفيف التكلفة على رجال الأعمال وجميع المتعاملين، وبالتالي زيادة إنتاجيّة الصناعة وتطوّر الخدمات، ويضع حدّاً للصعوبات، التي تواجه المستثمرين في الحصول على التمويل وعلى رأسها الضمانات، ويساعد على إنجاز عمليات توثيق عقود التمويل التأجيريّ لدى الجهات المعنيّة، وسيساعد القانون الجديد المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة في تنفيذ مشاريعها، وسيدخل القطاع المصرفيّ في هذا النوع من التمويل، بغضّ النظر عن الأملاك التي يملكها المستأجر.
وأضاف: سيساهم صدور القانون بشكل كبير في دفع عجلة التمويل وفق هذه الصيغة، ويلغي ازدواجية الرسوم المفروضة على عمليّات شراء وتملّك الأصول المشتراة لغايات التأجير المنتهي بالتمليك في حال إعادة نقل ملكيّتها للمستأجر لها.
_ غرامة على استخدام صفة المؤجّر التمويلي
وبالنسبة لموقف الحكومة فقد تمثّل بمصرف سورية المركزيّ الذي أكّد حاكمه أنّ عقوبة من يستخدم عبارة التأجير التمويليّ أو مرادفات لها في عنوانه أو اسمه التجاري، أو يزاول عمليّات التأجير التمويليّ دون ترخيص قد تصل لمليون ليرة سوريّة.
وبين ميّالة أنّ المرسوم التشريعي رقم 88 لعام 2010 فرض عقوبات رادعة بحقّ من يقوم بهذه المخالفات لا تقلّ عن مئة ألف ليرة سورية ولا تزيد على مليون ليرة سورية, إنّ المرسوم 88 وفّر ضمانات كافية تكفل لأطراف عقد التأجير التمويليّ حقوقهم من خلال قيام وزارة الاقتصاد والتجارة بتنظيم سجلّ خاصّ بعقود التأجير التمويليّ التي تبرم في سورية، إلاّ إذا كان موضوع العقد عقاراً فيسجّل في الصحيفة العقاريّة أو السجلّ المؤقّت للعقار، وبعد تاريخ تسجيل العقد لا يجوز تسجيل أيّ إشارة رهن أو حقّ على صحيفة العقار أيّاً كانت الجهة التي تطلبها.
وأضاف: إنّ المرسوم منح عقد التأجير التمويليّ قوّة الإسناد التنفيذيّة أمام النظر في الدعاوى المتعلّقة بإنشاء العقد أو تفسيره أو فسخه فيكون على وجه السرعة وتصدر الأحكام بهذا الخصوص معجّلة النفاذ.‏
يشار إلى أنّ شركات التأجير التمويليّ وشركات الإجارة الإسلاميّة تخضع للترخيص المسبق من مصرف سورية المركزيّ قبل المباشرة بالعمل، وإضافة إلى ترخيص المصرف المركزيّ وتخضع الشركات التي تكون غايتها التمويل العقاريّ للترخيص من قبل الهيئة العامّة للإشراف على التمويل العقاريّ وللتسجيل لديها وتخضع لإشرافها.
_ أخيراً:
إنّ سورية تأتي بعد المغرب ومصر والأردن في الدول العربيّة التي تصدر مثل هذا القانون، ومن المنتظر أن يشكّل هذا النوع من التمويل مصدراً مهمّاً من مصادر التمويل متوسّط وطويل الأجل للشركات في الاقتصاديّات المتطوّرة والنامية على السواء، حيث سيؤدّي إلى زيادة قدرة المنشآت الاقتصاديّة المحليّة على التوسّع في نشاطاتها والمنافسة, وبالنتيجة نرى أنّ التأجير التمويليّ أصبح ظاهرة واسعة الانتشار عالميّاً، مما يؤكّد أهمّية هذا النوع من النشاط وضرورته الاقتصاديّة للدول المتقدّمة عامّة حيث إنّ التعامل بهذا العقد يمنح المشروعات الاستثماريّة فرصة للتغلّب على مشكلة التقادم التكنولوجيّ للآلات و المعدّات الصناعيّة كما يخفّف من العبء الضريبيّ على عاتق المشروع المستأجر حيث إنّ المشروع تكون حيازته للأموال المؤجّرة على سبيل الإيجار و للدول النامية خاصّة، حيث بواسطته يمكن نقل التكنولوجيا بتكلفة أقلّ، وبالتالي يمكنها من خلال هذا العقد اللحاق بالركب الحضاريّ المتسارع، والذي لا يمكنها اللحاق به في ظلّ العقود التقليديّة فهذه الدول لا تستطيع شراء الآلات و العقول الإلكترونيّة الضخمة بالإضافة إلى أنّها لا تستطيع الاعتماد على مساعدات الدول الغنيّة حيث إنّ هذه الدول لا ترمي إلى الدول النامية إلّا بالفتات والبالي من الآلات و المعدّات لذلك فإنّنا نتمنّى أن يكون المرسوم قد لحظ الأرضيّة التشريعيّة اللازمة لعمل مثل هذه الشركات، خاصّة ونحن على باب النهوض بالاقتصاد الوطنيّ و السعي إلى كلّ ما فيه خير للوطن و المواطن و لا شكّ أنّ انتشار هذا العقد في دول العالم إنّما يدلّ دلالة واضحة على أهمّيته و فائدته.

ومهما يكن فإنّ التأجير التمويليّ يتوقّف ذيوعه وانتشاره أولاً وأخيراً على مدى تفاعله مع النظام القانونيّ للدولة التي تأخذ به قد نكون بحاجة لاستكمال أدواتنا التمويليّة، غير أنّ التشريع هو الأرضيّة الأهمّ التي سنبني عليها صروح الأحلام، فإذا لم تكن بنيتها قويّة، ستصبح أحلامنا التنمويّة التمويليّة مهدّدة بالانهيار.
 

آخر الأخبار
مصدر عسكري: لا صحة لأي نبأ بشأن انسحاب لوحدات قواتنا بريف دمشق في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء.. الجلالي: الحكومة تمتلك الخبرة والقدرة على التعامل مع الأوضاع الطار... "الطيران المدني": مطار دمشق الدولي يعمل بكامل طاقته القضاء على عشرات الإرهابيين بريفي حماة وحمص وزراء خارجية سورية والعراق وإيران في بيان مشترك: لا خيار سوى التنسيق والتعاون لإبعاد مخاطر التصعيد الإرهابيون يشنون حربا إعلامية لإظهار سيطرتهم على بعض المناطق القيادة العامة للجيش: تنفيذ إعادة انتشار وإقامة طوق أمني قوي على اتجاه درعا والسويداء خطة إستجابة لضبط الأسعار وتأمين المواد.. وزير التجارة: مخزون للقمح يكفي القطاعين العام والخاص 5 مجازر للاحتلال في غزة خلال 24 ساعة أسفرت عن ارتقاء 48 شهيداً الجيش الروسي يواصل تقدمه في عمق الدفاعات الأوكرانية طهران تحمل أمين عام الناتو مسؤولية التدهور الأمني المفروض على العالم كوريا الجنوبية: التصويت على مقترح عزل الرئيس السبت القادم الصين تفرض عقوبات على 13 شركة أميركية تصدّر أسلحة إلى تايوان الرئاسة الروسية: نرحب بكل جهود الوساطة لتسوية الأزمة الأوكرانية موسكو: معاهدة الشراكة والدفاع المشترك مع كوريا الديمقراطية تدخل حيز التنفيذ وزير الخارجية الهنغاري: حجب شبكة قنوات RT الروسية نفاق إنجاز علمي جديد لجامعة دمشق في تصنيف التايمز العربي قيادة الجيش: حفاظاً على أرواح المدنيين في حماة وحداتنا تعيد انتشارها خارج المدينة الطيران الحربي السوري الروسي يدمر أعداداً كبيرة من آليات الإرهابيين في ريف حماة الشمالي ويقضي على ال... ثلاثون طفلاً من ذوي الإعاقة مكرَّماً.. "أيدٍ مبدعة" بازار خيري في صحنايا