من اجل السيطرة على العالم لا تتورع أميركا عن استعمال أي وسيلة او سلاح فالأساس لديها هو فرض السيطرة وإخضاع من يعارضها او يعرقل سعيها لامتلاك قرار العالم .
لقد تصاعدت وتيرة استباحة أميركا لحقوق الدول والشعوب منذ ان تفكك الاتحاد السوفييتي الذي كان يقاسمها النفوذ والسيطرة على العالم ويضع بوجهها الخطوط الحمر التي تمنعها من الاستئثار بالقرار الدولي .
وهكذا اطلقت أميركا المزهوة بجبروتها نظرية “التدخل الدولي الإنساني المتقدم على السيادة الوطنية لأي دولة” و “نظرية العولمة” التي تسقط بموجبها الحدود الدولية . حتى ان رئيسها بوش اعتبر نفسه ممثلآ لله على الأرض .
الى ان ظهرت قوى جديدة في غربي آسيا حيث تشكلت ما عرف بالمقاومة ثم قام محور يقاوم الغطرسة الأميركية الاستعمارية أساسه ايران وسورية و حزب الله و بعض المكونات الفلسطينية ، ثم تعاظمت ظاهرة الرفض العالمي العلني للاستبداد الأميركي حتى باتت تشمل دول و كيانات و شخصيات و تيارات هامة برزت الصين وروسيا في مقدمتها .
ومع ذلك لم تعبأ أميركا كثيرا بمعارضيها وظنت بأن ما تملكه من قوة وعلاقات مع شركاء او حلفاء (في الحقيقة ليس لأميركا شريك او حليف، فأميركا لا تنظر إلى الآخر ألا كتابع و أداة او عدو وخصم )
لقد نجح معسكر رفض الاستبداد الأميركي في إفشال مساعي أميركا لإقامة النظام الدولي أحادي القطبية ومنع تشكل حالة دولية تكون فيها أميركا القائد الوحيد للعالم، ونجح ذاك المعسكر في الدفاع عن حقوقه رغم انه لم يشكل منظومة دولية متحدة .
لكن تطور انتشار جائحة كورونا وسقوط أميركا وشركائها في الحلف الأطلسي فريسة لهذا الفايروس وتقدمهم كل دول العالم في حجم الإصابات والموتى جعلتهم يؤكدون شائعة الحرب البيولوجية.
ولقد تبين كم ان نظام الرعاية الصحية في الغرب واهن وضعيف ويفتقد إلى الجهوزية لمواجهة وباء وثبت ان الذهنية الرأسمالية المادية تغلب المصالح المالية للرأسماليين، وأكد زيف تشدق الغرب بمقولة حقوق الانسان التي يتخذها مبررا للتدخل في شؤون الدول والشعوب.
و ظهر جليا ان ما يربط أعضاء الأطلسي ببعضهم هو المصالح والنفعية دون المبادئ والإنسانية-كما أكدت الصين وروسيا والشرق عموما ان الخلافات الاستراتيجية والسياسية لا تثنيهم عن تقديم المساعدات الإنسانية حتى للخصوم والأعداء وان حاجة ومصلحة الإنسان كإنسان تتقدم على أي اعتبار .
اما الفضيحة الكارثة حيث انهارت صورة أميركا على وجوه ثلاثة الأول داخلي حيث ظهر وهن الروابط الوطنية بين الولايات الأميركية ما ينذر بتفككها-وعلى الصعيد التحالفي ظهرت الخفة بمصائب الشركاء -أما الجريمة الكبرى فقد كانت في الأداء الأميركي ضد سورية وإيران اللتين تتعرضان لعقوبات أميركية إجرامية خلافا لقواعد القانون الدولي، و:أنه يستثمر بكورونا .
لكن ايران حتى الآن تمكنت بسبب تفكك الحلف الاوروبي – الاميركي من استعادة 1,6 مليار دولار من لوكسمبورغ، وهذا بحد ذاته انتصار لها على غطرسة اميركا .
ان السلوك الأميركي في التمسك بالعقوبات على سورية وايران -رغم الطلبات والمناشدات الدولية لرفعها وحتى من الداخل الأميركي، يعتبر جريمة يؤدي ارتكابها إلى منع التصدي لوباء بل يسهم في انتشاره، جريمة تتطابق عناصرها مع عناصر جريمة الإبادة الجماعية التي لا تسقط بمرور الزمن وتوجب ان لا يفلت مرتكبها من العقاب .
وإن غداً لناظره قريب
معاً على الطريق- د . عبد الحميد دشتي