ثورة أون لاين- لميس علي:
لن نتمكّن من فهم رواية باسم سليمان الأخيرة “جريمة في مسرح القباني” إلا حين وصولنا إلى نهايتها.
لا يعني ذلك أننا لن نكون قادرين على استقراء غايته المبطّنة في ثنايا فصول الرواية التي يشي كل منها بارتباطه بمقولةٍ نهائية أرادها “سليمان”.
وصولاًإلى ذلك.. يُعنى بملء أرض السرد لديه بالكثير من التساؤلات.. يُلقي أسئلته وطروحاته.. يبذرها في وجه قارئه كأنما ينقل إليه الكثير من حيرة أراد إثارتها من دون إخمادها.
يبدأ رسم لوحته الروائية بتطبيق مقولة أوردها في ثنايا نصّه، فالحياة الحقيقية، على رأيه، “هي نسبٌ متوازنة من الواقع والتخيّل”.. ولهذا يريد لحقيقة نصّه أن يكون مسبوكاً بلعبةٍ سردية تُشابك ما بين حكايته ووقائع، أسماء، وأماكن حقيقية.
هكذا نجد أن شخصية المحامي هائل اليوسفي ستكون حاضرة.. وعديد الأماكن الواقعية في العاصمة دمشق ستكون واردة الذكر هي الأخرى، والكثير من الأحداث المغروسة مرارتها أو مرارة واقعيتها في ذاكرتنا ولا يمكن لها أن تُمحى.
والسؤال هل يمكن لمثل تلك الأحداث أن تولد من جديد؟
هل يمكن لرحم المكان ذاته أن يُنجبها مره ثانية؟
تنشغل الرواية بمقاربة مثل هذه الأسئلة.. ويبدو أن “سليمان” اختار أسلوبية غير تقليدية في تقديم مقولته/مقولاته.
فنحن لسنا أمام عمل روائي يبدأ بالشخصيات ذاتها والبنية السردية الكلاسيكية عينها المعروفة في أي عملٍ آخر.. شخصيات “سليمان” تتفرع إلى شخصيات عديدة.. “أشباه”.. “أقران”.. “نظراء”.. أو غيرها من مسميات.. ولهذا يبدو طبيعياً ألا نكون أمام سردية عادية.
وكأنما يتقصّد أحياناً أن يتسرّب إلينا شيءٌ من الخلط بين مجموع الأشباه الذين يوردهم في فصول الرواية.. كأنما يتوارثون/نتوارث الخطيئة/الجرم مراراً وتكراراً.. تتصادى الأحداث وتتتالى الخطيئة عينها “فالجرائم كالديون تورّث”.
هل تراه أراده إيصال حالة (الشواش/التشويش) إلينا عمداً..؟
كأن نشعر أحياناً أن عديد الأصوات، أصوات الأشباه، تتداخل.. ما يجعل الخيط السردي “المتصاعد” ينفلت من بين أيدينا.
ما يبرر ذلك أن “سليمان” لربما لم يرد لخيطه السردي أن يكون متنامياً بشكل تصاعدي أكثر من كونه متنامياً بشكل أفقي.. فهو يبلور ذات الحدث بكذا فصل من فصول حكايته.. يشابه بين ثيمات عمله وشخصياته كأنما أراد عبر تقنية التكرار التأكيد على مبتغاه لا أكثر.