لم يكن متوقعاً أن تهبط الإنسانية من السماء على الاتحاد الأوروبي ويلغي أو يجمد العقوبات الاقتصادية القسرية المخالفة للقانون الدولي والانساني التي فرضها على الشعب السوري منذ بداية الحرب الارهابية على سورية.
تجديد الاتحاد الأوروبي لهذه العقوبات لا يحمل اي جديد، وفي المقابل يكشف محاولاته البائسة لتحسين صورته الإنسانية المشوهه
مستغلاً جائحة كورونا التي أظهرت حكومات هذا الاتحاد فاقدة للإنسانية تجاه شعوبها فكيف ننتظر منها أن تكون سياساتها الخارجية ذات صبغة إنسانية تجاه الشعوب والدول الأخرى؟.
لقد أصبحت سياسة العقوبات ضد الشعوب أداة جوهرية في سياسة الدول الغربية والولايات المتحدة لفرض إملاءاتها على الشعوب او تجويعها وحصارها وهو ما يجب أن تواجهه دول العالم المستهدفة بالعقوبات بإجراءات أقلها المعاملة بالمثل.
التطاول الغربي الأميركي في فرض العقوبات لتشمل دولاً كبرى مثل روسيا والصين والهند وغيرها يستدعي عملا جماعيا دولياً موازيا ورادعا لهذا السلوك الاقتصادي الغربي -الأميركي المشين، الذي يتسم بالطابع العنصري والاحتكاري المتحكم بالأنظمة والتعاملات والاتفاقيات الدولية التي وافقت عليها جميع دول العالم و دخلت في سياق تطبيقها من منطلق التعاون الدولي، فيما كانت الدول الغربية بالقيادة الاميركية تنصب فخاً كبيراً لكل من يرفض الانصياع لسياساتها حيث تتحكم بسوق حركة الأموال والتحويلات المالية وسوق التأمين البحري والجوي وغيرها من التشابكات الدولية، وتهدد الشركات وتهدد أسس التجارة العالمية.
إن مواجهة العقوبات الغربية من قبل الدول والجهات المتضررة ما زالت قاصرة وغير منسقة وتركز على الطرق الملتوية أو الالتفاف على العقوبات وهو ما يكلفها أعباء إضافية.
من المعلوم أن تصاعد اعتماد الدول الغربية على سياسة العقوبات الاقتصادية يعكس التراجع السياسي والعسكري لهذه الدول مقابل صعود دول أخرى، وفي الوقت نفسه بات اللجوء المتزايد إلى هذا الخيار يشكل مخاوف كبيرة لدى الشركات العابرة للحدود والتي باتت في مأزق كبير في حال مضت واشنطن وبروكسل في تنفيذ تهديداتها بفرض عقوبات اقتصادية ومالية على بكين.
من المستبعد جداً أن تكف الدول الغربية بالقيادة الاميركية عن استخدام أداة العقوبات إلا إذا تضرر اقتصادها وشركاتها، والوصول إلى تحقيق هذا الأمر من قبل الدول المتضررة من العقوبات الغربية بات طريقه مفتوحاً مع دخول المواجهة الاقتصادية الغربية مع مجموعة بريكس مرحلة جديدة في ضوء التطورات الاميركية الصينية على أكثر من صعيد.
إن حجم اقتصاديات الدول التي باتت تطولها العقوبات الغربية الاميركية اذا ما استخدمت بشكل منسق كاف لدفع الدول الغربية لتغيير نهجها او تحمل الخسائر، ولكن هذا الأمر يبقى محدود التأثير إذا لم يتم اعتباره من الدول الكبرى والمنافسة للدول الغربية خياراً لا بديل عنه لمواجهة العقوبات الاقتصادية الأوروبية والاميركية.
إن القلق الذي ينتاب الكثير من الشركات والحكومات الغربية من تصاعد التوتر في العلاقات الصينية الاميركية نابع من انعكاساته الاقتصادية، وهنا تكمن فرصة تنحية أداة العقوبات التي تلوح بها الدول الغربية بحق كل دولة ترفض الاستجابه لشروطها السياسية.
من الواضح أن العالم قادم على مرحلة جديدة من الصراع على الزعامة والريادة، ومعركة الاستحواذ على هذه الميزة لن تكون سهلة أو من دون تكاليف، والدليل على ذلك تفاقم الخلاف الأميركي الصيني وقرب وصولة إلى نقطة التحدي المباشر بعناوينه السياسية والاقتصادية والعسكرية.
تجديد العقوبات الاقتصادية الأوروبية على سورية يأتي في خضم هذه المعركة التي ستحكم نتائجها مسار التفاعل والتعاون والصراع الدولي على مدى نصف قرن على الأقل.
معاً على الطريق- أحمد ضوا