ثورة أون لاين – ريم صالح
لهيب الغضب يشعل أميركا ردا على جرائم العنصرية والكراهية، قتلى وفوضى عارمة في الشوارع، وقمع مفرط من قبل الشرطة، واعتقال المئات بشكل وحشي، والجيش يحاصر المدنيين في المدن والولايات الأميركية، وترامب يتوعد المحتجين بالويل والثبور، فيما الاحتجاجات تنتقل خارج الأسوار الأميركية لتعكس مدى الحنق الشعبي من سياسات القتل المتعمد، والتمييز العنصري التي تهيمن على عقلية الإدارات الأميركية المتعاقبة.
احتجاجات الغضب تتزايد وتنتقل من ولاية إلى أخرى، إثر مقتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد خنقا تحت أقدام ضابط شرطة عنصري،حيث أكدت وسائل إعلام أميركية مقتل 3 أشخاص على الأقل في إطلاق نار بمدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا خلال التظاهرات.
وفي لوس أنجلوس أطلق عناصر الشرطة الرصاص المطاطي خلال مواجهة مع المتظاهرين كما اشتبك عناصر الشرطة مع متظاهرين في شيكاغو ونيويورك حيث جرت عمليات اعتقال عدة.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات اعتقلت الشرطة الأمريكية نحو 1400 شخص بينهم صحفيون من وسائل إعلام متعددة قاموا بتغطية الاحتجاجات.
وكالة “أسوشيتد برس” قالت إن السلطات الأمريكية قامت باعتقال نحو 1400 متظاهر في 17 ولاية أمريكية بسبب ما وصفتها أعمال الشغب والاحتجاجات غير المرخصة في البلاد، مشيرة إلى أن الاحتجاجات أسفرت عن سقوط قتلى وإصابة آخرين بأعيرة نارية.
كما تحولت الاحتجاجات إلى أعمال تخريب ونهب للمحلات التجارية، في حين ردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وقال مصدر أمني في لوس أنجلوس إن أغلب المحلات التجارية تعرضت للاقتحام والسرقة، وأن أعداد المعتقلين كبيرة جدا وسط محاولات للسيطرة على الأوضاع.
وعلى غرار العاصمة واشنطن و10 ولايات أمريكية أخرى، قررت سلطات كاليفورنيا نشر قوات للحرس الوطني في مركزها مدينة لوس أنجلوس.
وذكر عمدة لوس أنجلوس إريك غارسيتي على حسابه في “تويتر”: “قوات من الحرس الوطني في كاليفورنيا نشرت في لوس أنجلوس لدعم استجابة السلطات المحلية بغية ضمان السلام والأمن في شوارع مدينتنا”.
وأعلن حاكم كاليفورنيا غافين نيوسم حالة الطوارئ في مقاطعة لوس أنجلوس وصادق على طلب إرسال قوات للحرس الوطني إليها.
من جانبها أعلنت لندن عبر بريد عمدة سان فرانسيسكو عن فرض حظر التجوال في المدينة مناشدة المواطنين البقاء في منازلهم، وأكدت أن الحرس الوطني على درجة الاستعداد القصوى تحسبا لأعمال شغب محتملة.
حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت أعلن في بيان تحريك عناصر الحرس الوطني ردا على الاحتجاجات العنيفة.
كما تم فرض حظر للتجوال في مدينة ميامي، وسط أنباء عن إصابة 13 شرطياً خلال احتجاجات عنيفة في فيلادلفيا، كذلك فرض عمدة مدينة شيكاغو حظرا للتجوال مع إلحاق المحتجين أضرارا بسيارات للأمن وبأبنية وسط المدينة.
عمدة مدينة نيويورك من جهته اعتبر أن الوقت حان كي يعود الناس إلى منازلهم، مؤكدا انه لن يتهاون مع الذين يمارسون العنف وأشار إلى أن هناك أناسا من خارج نيويورك يشاركون بالاحتجاجات وقلة من المتظاهرين متورطون بالعنف.
واعتقلت شرطة أتلانتا 51 شخصا على خلفية أعمال عنف شابت الاحتجاجات، كما قام متظاهرون بإشعال النار في حاويات القمامة وحطموا بعض الواجهات الزجاجية في عدد من المباني والمحلات بالعاصمة واشنطن والشرطة تدخلت لتفريق المتظاهرين.
وأظهر فيديو تعزيزات لقوات الحرس الوطني الأمريكي بهدف زيادة الأمن حول البيت الأبيض في أعقاب التظاهرات المستمرة.
كما تم نشر قوات للحرس الوطني في أكبر مدن ولايات كولورادو وجورجيا وكنتاكي ومينيسوتا وميزوري وأوهايو وتينيسي وتكساس ويوتا وويسكونسين، بالإضافة إلى العاصمة واشنطن.
وبشكل عام تم فرض حظر التجوال في 25 على الأقل من أكبر مدن البلاد، لكن هذا الإجراء لم يمنع تجدد المظاهرات الليلة الماضية، واحتجز عشرات المتظاهرين في مختلف أنحاء البلاد.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان قد هدد في وقت سابق باستخدام القوة العسكرية غير المحدودة ضد المظاهرات الاحتجاجية.
وبرر ترامب في تغريدتين عبر حسابه على (تويتر) تهديده هذا بقمع مواطنين أميركيين يمارسون الحق في التظاهر والتعبير بالقول إن “عبور المتظاهرين حدود الولاية من أجل التحريض على العنف يعتبر جريمة فيدرالية” مهدداً بأنه “في حال لم يكن حكام ورؤساء البلديات أكثر صرامة في تعاملهم مع المحتجين فإن الحكومة الفيدرالية ستتدخل وهذا يشمل استخدام القوة غير المحدودة لعسكريينا وتنفيذ اعتقالات كثيرة”.
واعتبر ترامب أن 80 بالمئة من المتظاهرين في مينيابوليس قدموا من خارج الولاية وقال إنهم “يضرون الأعمال”.
وأشار ترامب إلى أن القوات المسلحة تستطيع الانتشار في مينيابوليس بشكل سريع جدا حال طلبت السلطات المحلية ذلك.. فيما استدعى حاكم مينيسوتا الحرس الوطني للولاية بعد عدة ليال من المواجهات في إجراء لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.
الاحتجاجات الغاضبة امتدت إلى مدينة تورونتو الكندية، حيث تظاهر آلاف الأشخاص بهدوء السبت لإدانة أعمال العنف التي تقوم بها الشرطة والعنصرية في الولايات المتحدة وكندا، حسبما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس.
ونظمت التظاهرة على اثر وفاة امرأة سوداء الأربعاء في تورونتو بعدما سقطت من شرفة تقع في الطابق الرابع والعشرين خلال عملية للشرطة في ظروف مازالت غامضة.
ورفع المتظاهرون الكنديون الذين وضع معظمهم كمامات بسبب فيروس كورونا المستجد، لافتات كتب عليها “حياة السود تهم” و”لم أعد قادرا على التنفس”، العبارة التي قالها جورج لويد عندما كان شرطي يثبته على الأرض.
وقال أحد المتظاهرين لوكالة فرانس برس “من المهم على الرغم من الوباء، أن نظهر أننا نكافح من أجل العدالة للجميع، بالنسبة للسود ولكل الأشخاص الملونين”.
وأضاف: “مع أن المشكلة أكبر في الولايات المتحدة، الأمر يجري هنا على أبوابنا في تورونتو وكندا وعلينا أن نتحد جميعا في العالم”.