ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم:
يستطيع وزير الخارجية الأميركي أن يفاخر أمام الأميركيين والعالم أنه كان إلى جانب أكثر وزراء العصر «فصاحة» و«نباهة»
، وأنه كان إلى جانبه على منصة واحدة وستبقى الصورة تذكاراً متجولاً في أرشيف الدبلوماسية العالمية.
وبإمكان الوزير الأميركي أن يفتخر بهذا الأرشيف الذي لم ينل شرف الحضور في صفحاته وزير آخر في العالم، ولا نعتقد أنه قد يناله مرة أخرى هو ولا غيره، وسيسجل التاريخ في سجل الوزير كيري أنه لم يعترض، بل لم يستفسر، ولا أحد يدري إن كان قد فهم ما قاله شريكه في المنصة أم أغلق أذنيه حين سمع ما تفوه به الوزير السعودي رغم محاولاته التصويب له لاحقاً.
بالتأكيد لم يكن أحد ينتظر منه اعتراضاً، وقد سمع ولمس في الغرف المغلقة من جليسه ما هو أكثر غرابة، ولا نعتقد أن ما قاله كان بعيداً عن تمنيات ورغبات كيري، ولم يكن مفاجئاً أن يخرج الوزير السعودي عن طوره وأن يختل توازنه، وقد أسقطت الأحداث آخر أوراق التوت كاشفة عن عوراته وعورات مشغليه ونظرائه من أجراء السياسة الأميركية في المنطقة وخارجها.
وإذا كان كل شيء متوقعاً من الدبلوماسية السعودية وهي ترتعد من تطورات الميدان السوري، فإن الهذيان في السياسة فاق كل التوقعات، وأوصلها إلى بوابات الخرف الفعلي في الحديث والمصطلحات والمفردات، بعد أن اعتدنا على هذيانه في المواقف التي بدت أقرب إلى الأحجيات من أي شيء آخر.
وحده الاحتلال في العرف السعودي يختلف عن مفهومه وعن مواصفاته دون سائر الأعراف في الكون، وقد عجزت كل قواميس الدنيا ومصطلحات التاريخ عن فك طلاسمه، وفهم تداعيات استخدامه، وقد برع فيها السعودي دون سواه، حتى بات ماركة مسجلة باسمه.
في عرفه المدون باسم مملكات العائلة يحق له ما لا يحق لغيره، وفي عرفه أيضاً أنه ونظامه الأب الروحي للديمقراطية والحرية، وقد خبر معنى مطالب الشعوب، وهو الذي حرم شعبه من أبسط الحقوق وحتى التسمية لتكون مملكته الوحيدة في العالم التي سميت باسم عائلته.
لا نعتقد أنه من المجدي الخوض في مسلمات لا تقدم ولا تؤخر، ولا المجادلة في أعراف السعودي الذي كان ولا يزال يسجل سابقة في العرف العالمي، وهي تحاكي آخر فصول المفارقات في القرن الحادي والعشرين، ونجزم أنه من غير المفيد سرد الموبقات التي يتفرد بها عن سواه، ويعرفها القاصي والداني.
في العرف السعودي يجوز ما لا يجوز لغيره، وفي المنطق الأميركي يستطيع زعيم الدبلوماسية الأميركية أن يجلس إلى جانبه وأن يستمع إلى ما يتفوه به، دون أن يرف له جفن، ومن دون ان تترك كلماته أي أثر.
لا نريد أن نتساءل لماذا تعود السعودية إلى الواجهة وهي التي كانت طوال الوقت في الخلف وتقود من الكواليس، وبعد أن صمتت دهراً تعود لتنطق كفراً، غير أن ذلك لا يغير في واقع الحال، وقد أبى سعود إلا أن يكون الشاهد الجديد على عصر الانحدار الذي يعيش لحظاته الأخيرة وخصوصاً بعدما شعر بالارتجاج الحاصل في منظومة إرهابه وإداراته الإقليمية، فأراد أن يبادر قبل أن يصل البل التركي والموس القطري إلى الذقن السعودي، وإن غداً لناظره قريب !!
a.ka667@yahoo.com