العنصرية الأميركية أشعلت الاحتجاجات في العالم بأسره

ثورة أون لاين – ترجمة: ميساء وسوف:
تسبب مقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة في مينيابوليس في الولايات المتحدة بأزمة عالمية حقيقية، حيث نزل الناس في جميع أنحاء العالم إلى الشوارع للتنديد بالعنصرية الأمريكية، ففي ميلانو جلس المتظاهرون وأيديهم حول أعناقهم وقد وضعوا أمامهم لافتات كتبوا عليها “لا أستطيع التنفس”، وهي كلمات فلويد التي رددها وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، أما في استراليا فقد تم توضيح نفس العبارة بإضاءة الشموع، وهتفت الحشود الكبيرة في دبلن مرددين: “لا عدالة، لا سلام”، وقال الرئيس الغاني نانا أكوفو أدو إن السود في جميع أنحاء العالم “قد صدموا وأصابهم الذهول ” بسبب مقتل فلويد.
بينما حوّلت الحشود في أماكن أخرى من دول العالم انتباه حكوماتها إلى ممارسات دولهم، ففي بريستول ببريطانيا أطاح المتظاهرون بتمثال إدوارد كولستون، تاجر الرقيق المعروف وألقوه في الميناء، أما في بلجيكا فقد أضرم محتجون النار في تمثال للملك ليوبولد الثاني.
إن ردود فعل هذه الاحتجاجات قد ذهبت إلى أبعد من مجرّد توجيه التوبيخ للظلم العنصري وذلك عندما أطلقت شرطة مينيابوليس النار على الصحفيين الأجانب بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي ما أدى إلى انتقادات من تلك الحكومات حول أهمية حرية الصحافة.
فقد كتب الصحفي كيم زيتر أن التأثير العالمي لما يسمى حركة “حياة السود مهمة” التي قامت في الأسابيع الأخيرة ظهر وكأنه تحوّل ضخم مشبهاً إياه بـ”سقوط جدار برلين”، ولكن بقدر ما كان رد الفعل مذهلاً إلا أنه لم يكن غريباً، فالمظاهرات العالمية المتضامنة مع الاحتجاج ضد العنصرية الأمريكية كانت شائعة خلال حركة الحقوق المدنية الأمريكية، وكما فعلوا في ذلك الوقت حيث نظر قادة السياسة الخارجية الأمريكية اليوم في الاستجابة العالمية كما نظروا في تأثير الأزمة على العلاقات الخارجية للولايات المتحدة وأصابهم القلق من أن الاحتجاجات واستجابة الشرطة العنيفة للتظاهرات الشعبية كان لها الأولوية على معالجة الولايات المتحدة لوباء كوفيد-19 والانكماش الاقتصادي اللذين يهددان بتقويض صورة القوة الأمريكية في العالم، وكان ريتشارد هاس قد كتب في مجلة فورين أفيرز: “إن الاضطرابات في الولايات المتحدة والتي يشهدها العالم أجمع تثير تساؤلات كبيرة حول القوة الأمريكية”، وتعكس هذه الرسالة مخاوف الدبلوماسيين الأمريكيين من حقبة الحقوق المدنية، حيث الفشل في الارتقاء إلى المثل العليا المعلنة للأمة يقوض تأثيرها الدولي.
فخلال حركة الحقوق المدنية ساهم القلق بخصوص تأثير العنصرية الأمريكية على الصورة العالمية للبلاد في تعزيز الضغط من أجل القيام بالإصلاحات بما في ذلك قانون الحقوق المدنية لعام 1964، ومع ذلك فإن التركيز على كيفية النظر إلى الولايات المتحدة بدلاً من التركيز الأكبر على عدم المساواة تجعل من الجهود من أجل القيام بالإصلاحات محدودة جداً.
لقد ظلّ التمييز العنصري سمة من سمات الثقافة الأمريكية، الأمر الذي يقوّض الحقوق المدنية في الداخل الأمريكي ويعرّض الولايات المتحدة للاتهام بأن ما تدّعيه بالترويج للديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم هو منتهى النفاق.
ففي عام 1963 تظاهر جيل من الشباب في جميع أنحاء العالم لدعم العدالة العرقية في الولايات المتحدة فقامت الشرطة في “برمنغهام ،ألاباما” بضرب طلاب مدارس الثانوية أصحاب البشرة السوداء الذين كانوا يسيرون بسلام إلى المدينة للاحتجاج على التمييز العرقي، وظهرت صور صادمة في الصحف في جميع أنحاء العالم لأطفال تم إلصاقهم بخراطيم الإطفاء على جدران المباني ومهددين من كلاب الشرطة في تلك المظاهرات، ما عزز الانتقادات العالمية للعنصرية الأمريكية.
لكن وعلى الرغم من أن بعض ردود الفعل عكست الجغرافيا السياسية في حقبة الحرب الباردة، إلا أن الإدانة كانت شبه عالمية، فقد أصرّ كل من حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على السواء على أنها- أي الولايات المتحدة- لا يمكنها أن تكون قوة عالمية فعّالة إذا فشلت في حماية الحقوق الديمقراطية لمواطنيها، وقام دبلوماسيون أمريكيون في الدول الأجنبية بإبلاغ واشنطن عن الغضب العالمي وتأثيره الواضح على الرأي العام.
كما تزامنت هذه الأحداث مع الاجتماع الأول لمنظمة الوحدة الأفريقية، حيث أجلّ قادة الدول الإفريقية المستقلة مؤخراً العديد من القضايا المدرجة على جدول الأعمال من أجل مناقشة كيفية الرد وفيما إذا كان العنف العنصري الأمريكي سيكون سبباً وجيهاً لقيام دول منظمة الوحدة الأفريقية بقطع العلاقات مع واشنطن، فقاموا بتمرير قرار يدين العنصرية الأمريكية وأعادت مفوضية الاتحاد الأفريقي تأكيده بعد مقتل جورج فلويد.
ولكن يكفينا القول إن الهجمات العنيفة على المتظاهرين من أجل الحقوق المدنية سببت مشاكل كبيرة في العلاقات الخارجية الأمريكية مع العالم بأسره، إضافة إلى كونها مسألة تتعلق بالعدالة المحلية.
بقلم ماري دودزياك
المصدر: Foreign Affairs

آخر الأخبار
مشايخ وعلماء مدينة حلب يباركون للقائد الشرع انتصار الثورة الرئيس أردوغان يستقبل الشيباني في أنقرة 6 دول أوروبية تدعو إلى تخفيف العقوبات على سوريا طلبة جامعيون لـ "الثورة": أجور النقل بين العاصمة والريف مرهقة لنا القائد الشرع يلتقي وفد المفوضية السامية للأمم المتحدة أكثر من ٣,٥ ملايين طالب وطالبة يتقدمون للامتحان الفصلي الأول خدمات صحية متنوعة يقدمها مستشفى الحراك الوطني بدرعا ورشة تدريبية بدرعا للتعرف على ذوي صعوبات التعلم وتشخيصهم انخفاض كبير بأسعار المواد الغذائية في طرطوس تحسن ملحوظ بصناعة رغيف الخبز في درعا تخفيف العقوبات على سوريا على طاولة "الأوروبي" سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟