الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
يدرك فرانز فانون أن أوروبا قامت على جثث الشعوب الأخرى التي غذّت ترفها. إن الاستعمار الأوروبي جشع، لدرجة أنه لا يتوانى عن قتل شعوب الأرض كلها كي يعيش برفاهية.
ومن خلال خطابه السلطوي الترويجي، يعلن الغرب أنه عقلاني، وباقي شعوب الأرض همجية. ويسود هذا الخطاب مدججاً بالقوة العلمية والتقنية، خالقاً حالة من الإذعان، استمرت لزمن طويل. ولكن الشعوب الأخرى استفاقت في لحظة ما، وأدركت زيف الفكر الاستعماري.
لم يكن العنف الغربي سياسياً واقتصادياً فقط، وإنما امتد إلى الناحيتين الفكرية والثقافية. أسس هجوماً غاشماً على الأفكار وأنظمة التقييم، محاولاً إعادة تشكيل البنى المعرفية الإنسانية القائمة، بما يخدم سيطرته.
لم يتوقف العنف الغربي على استغلال الذوات الأخرى، بل إنه حاول أن يحط من قدرها ويجردها من إنسانيتها. قسّم العالم إلى: الذات والآخر، الحضارة والبربرية. ويرى هومي بابا أن غاية الخطاب الغربي تكمن في ترسيخ فكرة أن الشعوب الأخرى هي شعوب منحطة بسبب أصلها العرقي، كي يبرر استعماره. وهذا الخطاب هو جهاز من أجهزة القوة، يدير الاختلافات العرقية الثقافية والتاريخية، عبر مقولة: «صِرْ أبيضَ أو اختفِ». وهو خطاب يظهر جنون العظمة، وجنون الاضطهاد في الوقت نفسه.
تضخمت ثنائية: الأبيض/ الأسود، السيد/ العبد في عقل السلطة الغربية، إلى درجة أن أي مساس بها يعد خطراً على وجود الغرب بأكمله. ووصلت السلطة الغربية إلى مأزق وجودي فعلي، ووقع المواطن الغربي في عزلة، من شأنها أن تعجل في انحداره، كما تنبأ الكثيرون.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء16-6-2020
رقم العدد :1002