ثورة أون لاين – ريم صالح :
غريب حال إلادارة الأمريكية فهي تكذب دون كلل أو ملل، ودون أن تراجع حتى سجل أكاذيبها، وتقارنه بما سبق من أكاذيب لتعطي جديد ادعاءاتها ولو جزء من المنطقية، وها هي تحوك افتراءاتها على ذات النول السياسي المهترئ، وما كلام المدعو جيمس جيفري المسمى المبعوث الأمريكي إلى سورية حول مرحلة قادمة من عقوبات إدارته العنصرية على سورية إلا خير مثال على ذلك.
تتوهم أمريكا أنها في موقع يخولها أن تطلب من الحكومة السورية تنفيذ أوامرها، وبأن هناك من يمكن أن يرضخ لإملاءاتها، وإن كان دخولها هذه المرة عبر نافذة “قيصر” الإرهابية، وبأن ثمة عقوبات جديدة ستكون على حد تعبير الإرهابي جيفري أكثر صرامة.
ووفق أكاذيبه فإنها تهدف للمساعدة بإيجاد حل سياسي، علما أنها تقوض كل الجهود والمبادرات السياسية، وتستهدف في الأصل والجوهر السوريين بجميع شرائحهم ومكوناتهم في لقمة عيشهم، فها هي أمريكا، وهكذا عهدناها وعهدها العالم بأسره، فهي الدولة المارقة التي تستبيح دماء الآخرين وثرواتهم لأنهم يرفضون الانصياع لإملاءاتها.
كلام الكاذب جيفري يذكرنا بإنذار غورو، حيث إن المستعمر الإرهابي يبقى مستعمراً إرهابيا، له أجنداته وله شروطه التي يحاول فرضها على الطاولة، وله أيضاً أوراقه التي يسعى لأن يقامر بها، دون أن ننسى طبعاً النتيجة الحتمية لكل محتل وهي الهوان والاندحار، وإلا ما معنى تمسك الأمريكي ببنود هو أصلاً من ينتهكها، فمن يريد إطالة أمد الأزمة في سورية؟!، ومن يريد استنزاف مقدراتها وثرواتها؟!، ومن يوعز للإرهابيين أن يخرقوا أي اتفاق يتم التوصل إليه، ومن يمد أولئك الإرهابيين بمضادات الطيران والصواريخ القاتلة؟!، ومن يحشر أنفه في كل شاردة وواردة؟!، ومن ينصب نفسه زوراً وبهتاناً ناطقاً باسم السوريين؟ّ، ومن يعرقل التوصل إلى حل سياسي؟!، ومن يضع العصي الميدانية في دواليب أي قطار دبلوماسي ينهي معاناة السوريين؟!، ومن يحتجز المدنيين السوريين في مخيم الركبان، ومن يمنع عودة المهجرين إلى وطنهم، بل ويستخدمهم كأوراق ابتزاز يساوم بها على الطاولة الأممية؟!. أوليس الأمريكي بشحمه ولحمه وبأوامره وإيعازاته؟!.
ويبقى اللافت في الأمر أنه بعد كل هذا القتل والترهيب والتخريب الذي ساقته إدارة الإرهاب الأمريكية إلى الدولة السورية عامدة متعمدة، وعن سابق تصميم وترصد، نراها اليوم تحاول التذاكي على العقول، وتدعي بأن عقوباتها هذه ما هي إلا جزء من الأدوات الدبلوماسية المتاحة لها، فعن أي دبلوماسية تتحدث؟!، عن دبلوماسية قتل السوريين حصاراً وتجويعاً وترويعاً؟!.
لا نستغرب حال جيفري المنافق كما غيره من مسؤولي إدارته العنصرية، فهو ابن المؤسسة الهوليودية التي اعتادت التمثيل على الناس، والكذب والنفاق والتدليس، وقلب الحقائق، والاستثمار بدموع الأبرياء، وكله لتحقيق أطماع دونية، وهلوساته يبدو أنها لن تعرف حداً لتقف عنده، ولا سيما عندما يحاول التنصل والتبرؤ من كل جرائم وفظائع ومجازر إدارته التي ارتكبتها بحق السوريين، ويزعم أنه بعقوباتها الجديدة هذه ستتمكن من إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري، فعن أي سوريين يتحدث؟!، من المؤكد أنه يقصد إرهابييه في الجحور والأوكار، يريد مساعدتهم وإنقاذهم من ضربات بواسل الجيش العربي السوري الدقيقة والمركزة.
لم يعد هناك أحد على كوكب الأرض لا يعرف ماهية الإنسانية الأمريكية، وكيف تتم ترجمة شعاراتها الزائفة على أرض الواقع، ولو كانت إدارة ترامب تنظر بإنسانية حقاً للشعب السوري لرفعت عنه كل ما فرضته من عقوبات سابقة، ولما فرضت عليه المزيد من العقوبات القسرية الباطلة، لو كانت إنسانية حقاً لما حاربت السوريين بلقمة عيشهم، وتسببت بانهيار عملتهم الوطنية، لو كانت إنسانية حقاً لما منعت الحليب عن الأطفال لو كانت إنسانية حقاً لقدمت للسوريين كل ما يلزمهم لمواجهة جائحة كورونا.
وبعد كل ما سبق يعاود الإرهابي جيفري المداورة والمناورة ، ويدعي بأن بلاده لم تلجأ حتى الآن للخيار العسكري، علما أن قواته المحتلة تعيث خرابا وتدميرا في أجزاء تحتلها في منطقة الجزيرة، ويتناسى العدوان الغاشم الذي شنته إلى جانب دولتي الاستعمار القديم والجديد بريطانيا وفرنسا في 14 نيسان عام 2018، أولم يكن عدواناً همجياً، أم أن جيفري قد تناسى هذا التاريخ وشطبه من قاموس ذاكرته السياسية والعسكرية في آن معاً؟!.
الولايات المتحدة لم تترك وسيلة عدوانية قذرة إلا واستخدمتها في محاولتها للنيل من الصمود السوري، فهي جندت الإرهابيين ولم تزل تقدم لهم المزيد من الدعم العسكري والسياسي واللوجستي، وصنعت هياكل كرتونية معارضة لا وجود ولا قيمة أو وزن لها في الإعراب الميداني السوري، وتأرجحت على حبال الإفك السياسي، وقدمت العديد من السيناريوهات التفتيتية، ووصل بها الأمر إلى حد الاعتداء المباشر على الدولة السورية ،وبعد كل ذلك تقدم أمريكا نفسها على أنها ملاك السلام على الكرة الأرضية !!، فيما هي رأس الإرهاب والدمار العابر للقارات.
أميركا أفلست في السياسة، كما أفلست في الميدان، وأفلست بلغة العسكرة والإرهاب، لذلك توجهت إلى بوابة العقوبات الاقتصادية على السوريين، متناسية أن من صمد في وجه الحرب الإرهابية المتواصلة منذ أكثر من تسع سنوات وينتصر، فإنه أيضا سيصمد أمام هذه العقوبات، التي ستزيد السوريين ثباتاً في الميدان، وإصراراً على مقاومة الفاشية الأمريكية، وهزيمة مشاريعها العدوانية في سورية والمنطقة والعالم