ثورة اون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
كان رد الفعل الرئيسي للدول الإفريقية من الاحتجاجات ضد العنصرية هو التضامن، حيث أدان القادة الأفارقة في الحكومات والمجتمعات المدنية والمجتمعات الإبداعية جريمة قتل جورج فلويد من قبل الشرطة، وأبدوا قلقاً كبيراً بشأن وحشية الشرطة والعنصرية الممنهجة التي تمارس في الولايات المتحدة.
وكان البيان الذي أدلى به رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد هو أحد أهم البيانات وأكثرها تمثيلا على نطاق واسع وقد أشار فيه إلى قرار منظمة الوحدة الإفريقية الصادر في عام 1964 والذي يدين التمييز العنصري في الولايات المتحدة، كما كرر رفض الاتحاد الإفريقي استمرار التمييز ضد المواطنين السود، بالإضافة إلى ذلك فقد وافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إجراء نقاش حول العنصرية ووحشية الشرطة بعد أن اقترحت أربع وخمسون دولة أفريقية إجراء مثل هذه المناقشة.
إن التضامن الذي تبديه الشعوب الإفريقية والإفريقية الأمريكية يعود إلى الأيام الأولى من الكفاح من أجل الاستقلال عن الاستعمار في أفريقيا ومن أجل الحق في نيل الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.
ويتساءل الأفارقة فيما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة المحافظة على موقعها الأخلاقي كمدافع عن حقوق الإنسان على مستوى العالم، بالنظر إلى عمليات القتل المتكررة خارج نطاق القضاء ضد الأمريكيين السود مع إفلات الشرطة من العقاب.
وقد أعرب البعض عن الصدمة والحزن، وأشار آخرون إلى نفاق الولايات المتحدة في عدم احترام حقوق الإنسان والحقوق الدستورية للمتظاهرين في حرية التجمع والتعبير، وهي القيم التي تدعو إليها الحكومات الإفريقية في كثير من الأحيان.
إضافة إلى ذلك دعا المجتمع المدني والقادة الأكاديميون في عدة دول إفريقية حكوماتهم إلى فرض عقوبات على الاستخدام المفرط للقوة وعلى عدم مساءلة الشرطة عن قتل المدنيين، وأعربوا عن أسفهم لأن بعض القادة الأفارقة يشجعون تصرفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد المتظاهرين، ويشيرون أيضاً إلى أن المنحدرين من أصل أفريقي في جميع أنحاء العالم تتم معاملتهم في كثير من الأحيان كما لو أنهم لا يستحقون الكرامة الإنسانية وذلك بسبب لون بشرتهم، والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها قيام الشرطة الأمريكية بقتل العديد من الأفارقة مثل قتل الطالب الغيني أمادو ديالو الذي أطلقت شرطة نيويورك النار عليه واحد وأربعين مرة في عام 1999، وقتل اللاجئ السوداني جون دينغ الذي قتلته شرطة مدينة آيوا في عام 2009 ، وأيضاً قتل الأوغندي المهاجر ألفريد أولونجو الذي أطلقت عليه شرطة سان دييغو في عام 2016 ، والكثير الكثير منهم.
إن إصلاح الشرطة لم يكن المحور الرئيسي الذي ركزت عليه الحكومات الأفريقية ولا المجتمع الدولي الأوسع الذي يوفر لها بعض التدريب والموارد الأمنية، فما زال النظام الاستعماري يسيطر على ممارسات الشرطة التي تنتهجها ضد الأفارقة بدلاً من حماية حقوقهم الإنسانية الخاصة بهم.
وقد لفتت الاحتجاجات الأخيرة الانتباه إلى ضرورة وجود قوانين تمنع الشرطة من استخدام القوة في إفريقيا، لاسيما من حيث صلتها بالحفاظ على فرض حظر التجول بسبب انتشار الفيروس التاجي، ونتيجة لذلك اتخذت بعض البلدان مثل كينيا وناميبيا وجنوب أفريقيا وأوغندا خطوات لمحاسبة الضباط في حال الاستخدام المفرط للقوة في تنفيذ أوامر الإغلاق، وقد تضمن ذلك الإدلاء بتصريحات مفادها أن الشرطة يجب أن تحترم حقوق المواطنين والتحقيق في حالات الإساءة، وخاصة عند تصويرها واتهام الضباط بالاعتداء .
ومع ذلك لا تعكس هذه الإجراءات الدروس المستفادة في أي من الاتجاهين، فلا تقدم أفريقيا نماذج للولايات المتحدة، كما لا تقدم التغييرات التي تمت مناقشتها في مدن الولايات المتحدة والكونغرس حتى الآن مثالًا للدول الأخرى خارج التركيز العام على إنهاء وحشية الشرطة بشكل عام.
غالباً ما يتم تشويه سلمية كفاح جنوب إفريقيا ضد العنصرية وكفاح الأمريكيين الأفارقة من أجل الحقوق المدنية، فقد صورت كلتا الحركتين على انهما تستخدمان العنف الشديد فأقرت الحكومة العنف أيضا، ونفذته الشرطة إلى حد كبير. فتم نشر الشرطة وقوات الأمن للحفاظ على النظام السياسي والاجتماعي للتمييز القانوني وإخضاع السود من أجل إدامة الأيديولوجيات المتفوقة للبيض.
ومع ظهور حكم الأغلبية في جنوب أفريقيا حاول الحزب الحاكم في المؤتمر الوطني الأفريقي تحويل قوة الشرطة، وإعادة تسميتها باسم خدمة شرطة جنوب إفريقيا وإقامة إصلاحات تهدف إلى بناء الثقة مع الشرطة. ومع ذلك لا يزال إرث الفصل العنصري اليوم قوّة اقتصادية، كما أن إمكانية الحصول على الخدمات وفرص التعليم هي دائماً من نصيب السكان البيض إلى حد كبير.
واليوم لا يزال الفقر والبطالة المرتفعة موجودة في المجتمعات السوداء في الولايات المتحدة ،ويمكن لهذا أن يؤدي إلى ردود فعل مفرطة تصبح خطيرة ومميتة في حالات كثيرة.
المصدر: Council on foreign relations