ثورة أون لاين – ترجمة سراب الأسمر:
انطلق عام ١٩٧١ بهدف تحسين وضع العالم بحسب وثائقه، ويعقد سنويا في منتجع دافوس بجبال الألب بشهر كانون الثاني.
ماذا نجيب الذين يتساءلون حول تداعيات وباء كوفيد١٩ الذي شلّ عمليا مجموع الاقتصادات العالمية بتسببه لأسوأ ركود منذ سنوات ١٩٣٠.
نشر منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس في ٣ حزيران عبر موقعه على الانترنت عن الخطوط العريضة لمنتداه المقبل الذي سينعقد في كانون الثاني ٢٠٢٠، مطلقا عليه تسمية “إعادة الضبط الكبير” والذي يهدف للاستفادة من التأثير الواضح لفيروس كورونا للتقدم ببرنامج خاص جدا. المفارقة بالنسبة لوضع المنتدى العالمي الأول لكبرى الشركات أنه يقدم برنامج عولمة الشركات منذ سنوات ١٩٩٠ متبنيا اليوم ما يطلق عليه تسمية تنمية مستدامة هائلة، وهذا يقدم مؤشرا إلى أن هذه الأجندة لا تتوافق مع ما ادعاه هذا المنتدى وشركاؤه.
إعادة الضبط الكبير:
في ٣ حزيران نشر مدير المنتدى كلوس شواب فيديو يعلن فيه عن المشروع السنوي لعام ٢٠٢١ “إعادة الضبط الكبير”، يروج فيه لبرنامج عالمي لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي في سياق فيروس كورونا وانهيار الاقتصاد الصناعي الناجم عن ذلك، وصرح الموقع ضرورة متابعة عدة أمور أخرى لضبطها لكن الأهم هو كوفيد١٩.
يقول شواب: “لدينا كوكب واحد فقط ،ونعلم أن التغير المناخي سيشكل الكارثة العالمية القادمة مع ما يحمله من عواقب أكثر مأساوية على الإنسانية”.
القصد الباطني لكلامه أن التغير المناخي هو السبب الخفي لكارثة وباء كورونا.
ويقول: “إن كان علينا أن نتعلم درسا ما فهو أن نولي الأولوية للطبيعة، لا يمكننا إضاعة المزيد من الوقت.
أيضا صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس: “علينا بناء اقتصادات ومجتمعات أكثر تكافؤا وشمولا واستدامة ومرونة لمواجهة الأوبئة والتغيرات المناخية وغيرها”.
كما صادقت على مشروع إعادة الضبط الكبير المديرة الجديدة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا.
يوضح موقع منتدى الاقتصاد العالمي: “قد تتراجع إجراءات الحظر بشأن كوفيد١٩… لكن هناك أسباب أخرى تدعو للقلق مثل التباطؤ الاقتصادي القوي، كما قد نواجه كسادا لم نشهده منذ أعوام ١٩٣٠…”، لدى ممولي مرافق البيئة العالمية خطط كبيرة إذ يطالبون العالم أجمع بالعمل السريع والمشترك لإعادة تنظيم جميع جوانب المجتمعات والاقتصادات، وتحويل كل صناعة من نفط وغاز إلى التكنولوجيا، بالمختصر “استعادة الرأسمالية”.
تغييرات جذرية:
يتحدث شواب عن الأجندة القادمة يقول: “إحدى النقاط الإيجابية لوباء كوفيد١٩ أظهرت مدى السرعة في إجراء تغييرات جذرية في نمط حياتنا، والتخلي عن بعض الممارسات الروتينية كالسفر الجوي والعمل المكتبي، ويقترح شواب أن تطول هذه التغييرات، وتحمل أجندته ثلاث نقاط: أولا: قيادة السوق نحو نتائج أكثر إنصافا من خلال التنسيق بين الحكومات وتهيئة الظروف لاقتصاد أصحاب المصلحة الذي سيشمل تغييرا في ضريبة الثروة، وإلغاء دعم الوقود الأحفوري…”
النقطة الثانية في إعادة الضبط: تعزيز الاستثمارات للأهداف المشتركة مثل المساواة والاستدامة، يعني بذلك على سبيل المثال أن ميزانيات التحفيز الاقتصادي الضخمة الأخيرة من الاتحاد الأوروبي والصين وغيرها يجب أن تستخدم لإنشاء اقتصاد جديد أكثر مرونة وإنصافا واستدامة على المدى الطويل، وهذا يعني بناء بنية تحتية حضرية خضراء، وخلق حوافز للصناعات لتحسين أدائها في البيئة والمجتمع والإدارة.
النقطة الثالثة: تنفيذ الثورة الصناعية الرابعة لدعم الصالح العام تتضمن التقنيات الحيوية لتحرير الجينات، والاتصالات 5G والذكاء الصنعي، مثلا في التحديات الصحية كما حدث أمام مواجهة كوفيد١٩ حيث تضافرت الجهود العالمية لمكافحته والخدمات الطبية عن بعد وغيرها.
أجندة الأمم المتحدة ٢٠٣٠ وإعادة الضبط:
إذا قارنا بين أجندة عام ٢٠٣٠ وأجندة عام ٢٠١٥ للأمم المتحدة سنتحقق من مثال كبير بينهما. جدول أعمال ٢٠٣٠ هي “عالم مستدام” أي عالم تسود فيه المساواة في الدخل والمساواة بين الجنسين، لقاح للجميع تحت رعاية منظمة الصحة العالمية، تأهب مشترك للأوبئة.
عام ٢٠١٥ نشرت الأمم المتحدة وثيقة بعنوان “لنحول عالمنا: أجندة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة”. لكن لم يقدمها الرئيس الأميركي أوباما لمجلس الشيوخ للتصديق عليها، وتشمل ١٧ هدفا للتنمية المستدامة: إنهاء الفقر والجوع بكل أشكاله وأبعاده، حماية الكوكب من التدهور من خلال إدارة موارده الطبيعية على نحو مستدام واتخاذ إجراءات سريعة أمام التغير المناخي أي الدعوة للنمو الاقتصادي والزراعي المستدام، والطاقة المستدامة الحديثة (رياح، طاقة شمسية)…
موريس سترونغ
لفهم اللغة المزدوجة للاستدامة لابد من العودة إلى موريس سترونغ -البترولي الكندي الملياردير وهو صديق مقرب من ديفيد روكفلر الرجل الذي لعب دورا أساسيا في سنوات ١٩٧٠ حول فكرة أن العالم بات غير مستدام بسبب عمل الإنسان- أنشأ سترونغ عام ١٩٨٨ برنامجا للأمم المتحدة حول البيئة، ومجموعة الخبراء الدوليين المعنيين بتغير المناخ لدراسة ثاني أوكسيد الكربون ذو المصدر الإنساني…
إن قرار شيطنة الـCO2 الذي يعتبر إحدى المركبات الأساسية للحياة البشرية والنباتية ليس ثمرة الصدفة كما يقول البروفسور ريتشارد ليندزن الفيزيائي في الغلاف الجوي ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)
“… بالنهاية ما هو CO2؟ إنه نتاج تنفس كل كائن حي، ضروري لحياة النبات والتمثيل الضوئي وهو نتاج أي احتراق صناعي، إذا هو نتاج سلوك.
دعونا لا ننسى أن العمل على وباء نيويورك “الحدث ٢٠١” في تشرين الأول ٢٠١٩ كان برعاية مشتركة من المنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسسة غيتس واستند إلى فكرة أنها مسألة وقت فقط ريثما يصبح أحد الأوبئة العالمية مع عواقب كارثية محتملة، أصبح “الحدث ٢٠١” وباء حادا، وظهور فيروس كورونا جديد.
إن اعلانات منتدى الاقتصاد العالمي بالعودة نحو الخلف هي محاولة مكشوفة في تقديم نموذج بائس “مستدام” لأجندة ٢٠٣٠، “صفقة عالمية جديدة خضراء” (Green New Deal) في أعقاب مكافحة وباء كوفيد١٩، إن علاقة هذا المنتدى الوثيقة مع مشاريع مؤسسة غيتس ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة يجعلنا نفكر أننا قد نواجه قريبا عالما أكثر رعبا بعد نهاية وباء كوفيد١٩.
بقلم: ويليام انغدال
عن: موندياليزاسيون