ثورة اون لاين – أدمون الشدايدة:
يرتكز ما يسمى قانون “قيصر” على أساسين أحدهما خفي يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتطبيقه وتحقيقه بشكل مباشر على سورية بمعزل عن ماهية القرار المجحف وأبعاده ومعطياته التدميرية، وبين ما تحاول واشنطن إظهاره إلى العلن عبر سلسلة أكاذيب لا تمت للحقيقة بشيء. وهي عادة أميركا في تلوين الأشياء وتمويهها.
“قيصر” الذي تبلغ مدة سريانه عشرة أعوام، تدعي من خلاله واشنطن الوصول إلى حل سياسي.
وهنا المفارقة والوقاحة تضرب أطنابها، حيث واشنطن كانت اليد الأولى والعليا في محاولات إفشال كل الحلول السياسية التي سعت إليها سورية بالتعاون مع حلفائها في روسيا وإيران وغيرهما ،فمسارا جنيف وآستنة من الأمثلة الحية على مكر واشنطن ومحاولة تدمير الحلول السلمية.
أما المقاربة الأميركية بمفهومها المستجد والتي تتبعها واشنطن تقوم على أساس أن العقوبات أكثر تأثيرا من الحروب وسكاكينها، لاسيما وأن رهاناتها على الحرب العسكرية الإرهابية سواء بشكل مباشر أم بشكل غير مباشر فشلت، إضافة لما تعتقده بأن تلك الضغوطات من الممكن أنها تدفع السوريين للاستسلام، أو التخلي عن حلفائهم وأصدقائهم وهذا ما تخفيه واشنطن من وراء إجرائها العدواني “قيصر”، ولكن هذا محال.
من المعروف والمؤكد أن واشنطن تبني تلك الضغوطات الاقتصادية على سلسلة طويلة من المحاولات التخريبية، حيث “قيصر” الإرهابي هو استمرار لعقوبات مماثلة فرضتها على الشعب السوري، مع إضافة بند جديد يتمثل بمتابعة سرقة مقدراته المعيشية، وبحسب آليات تطبيقه وشروط رفع عقوباته يظهر بأن واشنطن تسعى لأن يكون ورقة ضغط حاسمة بيدها في آي مفاوضات مستقبلية لحل الأزمة في سورية.
وأيضاً إن أي انتصار عسكري لا بد أن تستثمره سورية سياسياً وعسكرياً وهذا ما لم ترغب به الولايات المتحدة الأميركية ولذلك تسعى من وراء عقوباتها الظالمة لمحاولة قطع الطريق على محاولات الدولة السورية لإعادة إنتاج الحياة الاقتصادية وإعادة الإعمار بمساعدة الأصدقاء الروس والصين وإيران، ناهيك عن منع الكثير من الدول الراغبة بإعادة العلاقات مع الدولة السورية وفتح السفارات.
من يظن أن ما يسمى قانون قيصر هو كابوس يمكن أن يجثو على صدور السوريين فلابد أنه جاهل للتاريخ. حيث إن السوريين هم من أكثر الشعوب الذين صمدوا في وجه الرياح العسكرية والإرهابية والاقتصادية، وتصدوا لها وانتصروا عليها بقوة إرادتهم وصمودهم.