ثورة أون لاين – زينب العيسى:
“طردته كما طرده بوش” بهذه الكلمات الحادة هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون وكتابه الذي نشره بعنوان “الغرفة التي شهدت الأحداث”، ليدخل الصراع مرحلة جديدة بين “صقور اليمين المتطرف” في الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، فما الأحداث التي يخاف ترامب من نشرها خارج غرف البيت الأبيض؟.
في تسريبات الكتاب الأولية ظهر التخبط واضحاً في سياسة البيت الأبيض بقيادة ترامب الذي لم يفشل فقط في سورية بل في العديد من الملفات الشائكة التي تورطت فيها واشنطن، والتي قام بفضحها بولتون، ما يرجح المزيد من التوتر بينه وبين الرئيس الأميركي “إمبراطور العقارات”، حيث تشهد السّاحة الأميركيّة معارك رئيسيّة تدور أحداثها حول كُتب لمسؤولين كِبار سابقين في الإدارة الأميركيّة يتحدثون فيها عن تهور قاطني البيت الأبيض وحكامه، فما هي هذه الكتب التي تسبق الانتخابات الأميركية وقد تهدد أو تحدد مصير ترامب السياسي؟.
“الغرفة التي شهدت الأحداث” هو عنوان الكتاب الذي ألفه بولتون عن تجربته مع البيت الأبيض و يَصدُر عن دار “سايمون آند شوستر”، وتخشى إدارة ترامب من أن يكشف عن تفاصيل محادثات جرت بين الرئيس ومستشاره ويمكن أن تضر بفرصته الانتخابية أواخر هذا العام.
ترامب هدد بولتون بأن إصدار هذا الكتاب سيواجه اتهامات بارتكاب جريمة، وسارعت وزارة العدل لمنع نشر هذا الكتاب، ولكن جاء الرفض من قاض أميركي لطلب ترامب بإصدار حكم قضائي لمنع نشر الكتاب.
الكِتاب يتَضمّن أسرارًاً تُدين ترامب، وتتّهمه بعدم الكفاءة لتولّي المنصب لسذاجته، وتهوّره، مِثل مُطالبته بإعدام الصِّحافيين، واعتقاده بأنّ فنلندا جُزءٌ من روسيا، والطّلب من الرئيس الصّيني مُساعدته للفوز في الانتِخابات الرئاسيّة حيث ألمح ترامب إلى رغبته في الاحتفاظ بالمنصب لأكثر من فترتين رئاسيتين.
ويؤكد بولتون في كتابه الادعاءات التي دفع بها الديمقراطيون حول سعي ترامب إلى وقف المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا من أجل إجبارها على التحقيق في خصمه السياسي (الديمقراطي) جو بايدن، وهو الأمر الذي دفع الديمقراطيين إلى الشروع في إجراءات عزله.
أيضاً ترامب لم يكن يعلم أن بريطانيا قوة نووية، ويصف بولتون في كتابه لقاءً جمع بين ترامب ورئيسة الحكومة البريطانية السابقة تيريزا ماي أشار خلاله أحد المسؤولين إلى بريطانيا على أنها قوة نووية، وبحسب بولتون، فإن ترامب رد قائلاً: “آه، إنكم قوة نووية؟”، ويقول إن الملاحظة “لم تأت على سبيل النكتة أو المزاح”.
وأيضاً من المثير الذي جاء في الكتاب هو أن ترامب كان على وشك الانسحاب من حلف الأطلسي.
ومما ذكره بولتون أن ترامب كان يريد غزو فنزويلا حيث قال “سيكون غزو فنزويلا شيئاً جميلاً، حيث يعتبر فنزويلا من مصادر الإزعاج الرئيسية بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية، وتعارض واشنطن بقوة رئيسها الشرعي نيكولاس مادورو.
كتاب بولتون ليس الكتاب الأول ولا الأخير، ففي آب سيصدر الكتاب الأول لماري ترامب ابنة فريد شقيق ترامب الأكبر، حيث تكشف فيه أسراراً خاصة عن العائلة، تتضمن فضائح للرئيس ترامب واحتيالات ضريبية كما ذكرت، وستكشف فيه عن فضائح الرئيس الأميركي ” الجنسيّة وعلاقاته مع العائلة،” ومصدر أمواله الحقيقيّ، وأسباب انفِصاله عن زوجاته وشِجاره مَعهُنّ.
وبعد ذلك بشهر واحد سيصدر كتاب من نصيب مستشار الأمن القومي السابق الجنرال دي إتش ماكماستر، وهو الذي أدت استقالته في نيسان 2018 إلى استقدام جون بولتون ليشغل ذلك المنصب.
الواضح أن جُهود ترامب وطاقمه القانوني لم تُفلِح في منع صُدور كتاب بولتون، أو حذف ما به من أسرارٍ حول الخِلافات بينه وبين ترامب بشَأن مِلفّات مُهمّة مِثل إيران وكوريا الشماليّة وأفغانستان، ولكن ما جرى تسريبه حتّى الآن مِن أسرارٍ إلى الصّحف ومحطّات التّلفزة ربّما يُشَكِّل ضربةً قاضِيَةً للرئيس ترامب الذي بات الإعلام والكتابة والصحافة أدوات للقضاء عليه.. وخاصة أن سلوكه السياسي والشخصي بات مادة للتندر في الصحافة وهذا سبب عدائه لها.
فمن المعروف أن ترامب كان ولا يزال مصراً على محاربة الإعلام والصحافة خلال سنوات ولايته الأربع في البيت البيضاوي، واتهم هذه الشركات الإعلامية بالتضليل خصوصاً بعد أزمة كورونا التي ضربت أميركا بقوة، وبهذا خالف الرئيس الأميركي جميع رؤساء أميركا السابقين الذين جمعتهم مع الإعلام علاقات جيدة.