ثورة أون لاين – فؤاد الوادي:
تَستحضرنا الذكرى، ونستحضر معها كل لحظات النصر الغامرة بالمجد والشموخ والإصرار على دحر الأعداء والمتربصين بهذا الوطن العظيم وشعبه البطل وجيشه الباسل.
يلتقي الحدث برمزيته التاريخية والمعنوية والوطنية، مع الأحداث الكبرى التي تعصف بالوطن، في مشهد يعيد نفسه، حيث العدو بأقنعته وأشكاله المتبدلة والمتلونة، لا يزال يتلوى كالأفعى لتدمير سورية الوطن والعروبة والأمة والتاريخ.
في ذكرى تحرير القنيطرة من العدو الإسرائيلي ورفع العلم العربي السوري في سماء المدينة، تتجدد التطلعات نحو الهدف الكبير بتحرير كامل تراب الوطن من كل الإرهابيين ومن كل الغزاة والمحتلين والمستعمرين الجدد، وهذا ما يجعل من هذا الحدث كابوساً مرعباً لكل أطراف الإرهاب، لاسيما الولايات المتحدة والكيان الصهيوني اللذين باتا يدركان أن الشعب السوري سوف يحرر كل أرضه المحتلة، بعد أن يطرد ويسحق كل وحوش الإرهاب والدول والأنظمة التي عاثت خرابا وفساداً في بلدنا الغالي.
فهذه الأطراف الصهيونية والاستعمارية بكل أدواتها باتت تدرك بأن شعبنا العظيم الذي يمتلك ذلك الإرث الكبير من الحضارة والتاريخ والشموخ والانتصارات لن يسمح لهم باغتيال حاضرهم وذبح مستقبلهم والتمثيل بتاريخهم الثري بالعطاء والفداء.
في مثل هذا اليوم وقبل نحو ستة وأربعين عاماً رفرف علم الوطن عالياً في سماء القنيطرة معلناً للعالم أجمع أن إرادة الحياة والنصر التي يمتلكها شعبنا البطل أقوى من إرادة الموت والقتل والاستسلام التي لطالما حاول الاحتلال بائسا فرضها وجعلها أمرا واقعا في المنطقة العربية بهدف نزع روح المواجهة والتحدي، وإطفاء جذوة المقاومة والتحرير والخلاص في عقول ونفوس وشعوب المنطقة التي لا تزال تؤكد كل يوم وبرغم ذلك الطوفان الجارف من الطعنات والخيانات والممارسات الاستبدادية التي تقوم بها بعض الأنظمة العميلة أن إرادة الشعوب لا تقهر مهما استبد الاحتلال والطغيان ومهما طال الزمن.
في مثل هذا اليوم من العام 1974 رفع القائد المؤسس حافظ الأسد العلم العربي السوري فوق ثرى القنيطرة بعد معارك استنزاف طويلة مع الاحتلال الإسرائيلي قدم فيها جيشنا الباسل تضحيات جليلة أرهقت الجيش الصهيوني، وكسرت إرادته وشلت قدراته وحطمت معنوياته بعد أن أوهم العالم بأنه (الجيش الذي لا يقهر)، فإذ به أوهن من بيت العنكبوت، لأنه ببساطة -أي جيش الاحتلال- ليس الا مجموعة من المرتزقة والمجرمين الذين هم بلا قضية و بلا وطن وبلا أخلاق، عقيدتهم وهويتهم القتل والاجرام والتخريب والتدمير.
لقد بات الكيان الصهيوني ومعه الولايات المتحدة يدركان أن سورية ستبقى الصخرة الصلبة التي سوف تتحطم عليها كل المشاريع الاستعمارية التي يراد بها تفتيت وتقسيم المنطقة وإضعافها أكثر وأكثر خدمة للمشروع الصهيو-أميركي الكبير، يضاف إليها تلك الأوهام الأميركية المستمرة بالاستيلاء الكامل على كل دول المنطقة بهدف السيطرة على خيراتها وثرواتها، ولعل هذا هو السبب الرئيسي وراء استهداف سورية العروبة وسورية المقاومة المتكرر طيلة العقود الماضية انطلاقا من كونها القاعدة الأساسية التي ينطلق منها كل المقاومين والمدافعين عن الحقوق والقضايا العربية، وصولا نحو استهدافها المتواصل ومنذ أكثر من تسع سنوات عبر الحرب التي تشنها عليها دول الاستعمار والارهاب.
في ذكرى تحرير القنيطرة، يؤكد السوريون مجددا أن جذوة الصمود وإرادة الحياة لم ولن تخبو مهما استشرس الأعداء في إرهابهم وحصارهم وعقوباتهم، يؤكدون ذلك وكلهم ثقة بوحدتهم وتلاحمهم وجيشهم البطل، وهم ماضون في معركتهم حتى تحرير كامل أرضهم من كل الغزاة والمحتلين والإرهابيين.