يبدو أن الاعتماد على المرتزقة في تنفيذ المشاريع القذرة وشن الحروب الوحشية هو السمة البارزة للاحتلالين الأميركي والتركي في سورية، وقد استنسخ النظام السعودي هذا الأسلوب في حربه الوحشية على الشعب اليمني، ظناً من هذه الأنظمة أن استخدام المرتزقة يوفر أرواح جنودهم ويؤمن لهم انسحاباً أو فراراً أقل تكلفة وأقل فضائحية في حال الفشل.
غير أن استخدام المرتزقة يحسب كنقطة ضعف في كثير من الأحيان، لأن أجندة المرتزق تختلف عن أجندة المشغل، إذ ينظر الأول باهتمام بالغ إلى ما يمكن أن يكسبه من عملية الارتزاق، فيما يتطلع المشغل إلى أهداف بعيدة يريد أن يحققها بتكلفة بشرية أقل، ولهذه الأسباب ينقضّ المرتزقة على بعضهم البعض عند كل خلاف ويقتلون بعضهم بعضاً بشراسة، كما حدث مراراً وتكراراً مع مرتزقة محور العدوان على سورية في السنوات الماضية، ففي كل مرحلة كنا نشهد اقتتالاً واحتراباً بينهم لتختفي مجاميع إرهابية عن الساحة وتظهر أخرى بدلاً منها كما حدث في جبهة الغوطة الشرقية لدمشق قبل سنوات وما يحدث هذه الأيام لمرتزقة النظام التركي في إدلب والجزيرة السورية.
هذا النوع من الحروب ــ أي الحروب بالوكالة ــ محكوم عليها الفشل في أغلب الأحيان، لأن المرتزق لا يحمل قيماً أو أخلاقاً ولا تعنيه مبادئ أو أعراف، بل يعنيه فقط ما يكسبه من أموال ومسروقات مادية، فإذا انقطع التمويل عنه قد ينقلب على مشغله ويصبح عدواً له، كما حدث مع تنظيم القاعدة والولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، وكذلك تنظيم داعش وبعض الدول الأوروبية في السنوات الماضية، ولذلك لن يكون الأميركيون أو الأتراك بأفضل حال وهم يستخدمون كل أنواع المرتزقة في سورية، لأن ما يفعلونه اليوم سينقلب عليهم عاجلاً أم آجلاً وقد يدفعون أثماناً لم يكونوا يتوقعونها.
أما “السوريون” الذين سقطوا في فخ العمالة للأجنبي وأغرتهم مهنة الارتزاق على حساب مستقبل وطنهم ودماء أبناء وطنهم، فنراهم اليوم يتقاتلون في الشمال السوري فيما بينهم، وبعضهم الآخر يقاتل أهله وجيرانه وأبناء منطقته تنفيذاً لأوامر مشغله، وهذا ما يجعلهم أكبر الخاسرين، لأنهم خسروا شعبهم ووطنهم بخيانتهم لهما، ولم يكسبوا مشغلهم رغم كل ما قدموه من خدمات قذرة له، وبالتالي سيخسرون أنفسهم في اقتتال لا أفق له بسبب تفاهة القضية التي يقاتلون من أجلها، وهذه نهاية كل مرتزق.
نافذة على حدث-عبد الحليم سعود