ذوبان دولة اليهود

اعتمدت الحركة الصهيونية في استراتيجية أقامتها على العامل الديمغرافي والجغرافي عبر الاحتلال والاستيطان والتهويد والعنف والقتل وضرورة الدفع باليهود إلى فلسطين تحت مقولة: إنها أرض الميعاد وإن شعب إسرائيل هو شعب الله المختار. وشكّل الاستيطان اليهودي في فلسطين عبر إقامة مستوطنات زراعية الأساس في ذلك لجهة أن بريطانيا المنتدبة على فلسطين وفّرت البيئة المناسبة لذلك، فتدفق عشرات الآلاف من يهود أوروبا الشرقية وغيرها من دول العالم ،حيث الانتشار اليهودي وليس ما سمي كذباً ( شتاتاً) ليكون نواة التجمع الاستيطاني الاستعماري الجديد، ويكون عدد اليهود عند إعلان ما سمي إقامة الدولة حوالي أربعمئة ألف مستوطن صهيوني أي حوالي ثلث سكان فلسطين التاريخية، وبهدف خلق واقع ديموغرافي عبر القوة والعنف والضغط تم طرد وتشريد أكثر من 85 بالمئة من سكان فلسطين بعد حرب 1948 ليتحولوا إلى لاجئين ونازحين في دول العالم، ويكون فعلاً الشتات الفلسطيني. وبالرغم من اتباع سلطات الاحتلال كل أشكال العنف والتهويد ومصادرة الأراضي لإفراغ الأرض الفلسطينية من سكانها إلا أن تشبث الشعب الفلسطيني بأرضه ودفاعه عنها وتمسكه بحق العودة وانتهاج خيار المقاومة أفشل كل تلك المخططات الجهنمية، و لم تستطع قوات الاحتلال من تغيير الواقع الديمغرافي لصالح الكتلة الاستيطانية الاحتلالية ما شكل قلقاً وصداعاً مستمراً لقادة الكيان، ولاسيما أن المؤشرات الديمغرافية تشير إلى أن الخط البياني السكاني يتحرك بوتيرة عالية لصالح السكان والشعب الفلسطيني حيث يقدر عدد الفلسطينيين في العالم نهاية عام 2019 بحوالي 13،350 مليوناً منهم 5،039 ملايين في دولة فلسطين أي ما نسبته 37.7% من إجمالي عدد الفلسطينيين، وحوالي 1،597مليون فلسطيني في أراضي 1948 أي بنسبة 12،00% ، في حين بلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية حوالي 5،986 ملايين فلسطيني أي ما نسبته 44،8% ،أما في الدول الأجنبية فقد بلغ عدد الفلسطينيين 727 ألفاً أي ما نسبته 5،5% ، ووفق تلك المؤشرات الإحصائية فإنه من المتوقع أن يتساوى عدد السكان الفلسطينيين والإسرائيليين في فلسطين التاريخية مع نهاية عام 2022 حيث سيصل عدد كل منهم إلى 7،1 ملايين .

والى جانب ذلك فقد أظهرت البيانات والدراسات المتعلقة بالخصوبة عند اللاجئين في الدول العربية وغيرها أن معدل الخصوبة الكلية للنساء الفلسطينيات في الأردن قد بلغ 3،3 مواليد لكل امرأة، وأن حجم الأسرة بلغ 5،1 حيث بلغ عدد اللاجئين فيه 2،327،540 فرداً، أما في سورية فقد بلغ معدل الخصوبة للفلسطينيات 2،5 في حين أن معدل عدد الأسرة 4،1 وأن عدد اللاجئين الفلسطينيين قد بلغ فيها 631،111 فرداً، أما في لبنان فتظهر البيانات أن معدل الخصوبة للفلسطينيات 2،7 ومتوسط حجم الأسرة الفلسطينية 4 أفراد، في حين أن عدد اللاجئين بلغ 524،340 ألفاً، أما في أراضي 1948 فإن النمو السنوي حوالي 2،2% وفق دائرة الإحصاء الإسرائيلية، أما في باقي الدول العربية فهو بنسبة زيادة سنوية شبه ثابتة تساوي 2،2% ، أما في الدول الأجنبية فيبلغ 1،5% . وتشير تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن عدد السكان الفلسطينيين في فلسطين التاريخية بلغ 6،64 ملايين بناء على تقديرات دائرة الإحصاءات المركزية الإسرائيلية نهاية عام 2018 ، ومن المتوقع أن يبلغ عددهم 6،78 ملايين مع نهاية عام 2019 . ووفق تلك الزيادات سيتساوى عدد السكان الفلسطينيين والإسرائيليين مع نهاية عام 2022 كما أشرنا سابقاً ، أي 7،1 ملايين دون الأخذ في التقدير والرصد عدد (المهاجرين) إلى الكيان الصهيوني من دول العالم وهي نسبة غير مستقرة.

أما معدلات الأعمار فتشير البيانات إلى ارتفاع في العمر الوسيط في دولة فلسطين خلال السنوات 2000-2019 حيث ارتفع العمر الوسيط إلى 72،9 سنة للذكور و75،2 سنة للإناث إضافة إلى أن 39،9% من السكان الفلسطينيين في المخيمات هم في سن دون الخامسة من العمر في حين بلغت نسبة الأفراد من عمر 65 سنة فأكثر 4،3% فقط، ما يعني أننا أمام جيل فلسطيني شاب ومتقدم كنسب مئوية على السكان الإسرائيليين حيث هرم الأعمار بين الأجيال متقارب على عكس الحالة الفلسطينية فنحن أمام هرم مقلوب قاعدته العريضة الشباب وسقفه كبار السن.

إن قراءة تلك المؤشرات الرقمية وحركتها المستقبلية وتناميها عبر خط بياني تشير إلى أن السنوات القليلة القادمة ستضع الكيان الصهيوني أمام حقيقة أن عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية سيتجاوز عدد اليهود ما يضعه أمام مأزق في تعريف دولة الكيان: هل هي دولة مواطنين تضم اليهود والعرب، أم دولة يهودية عنصرية؟ وهذا يخالف قرار التقسيم وميثاق الأمم المتحدة الذي أكد على المساواة بين السكان بعيداً عن الأصل والدين والجنس.. والمأزق الآخر يتعلق بما سمي كذباً (ضم الأراضي) في الضفة والغور والجولان، ففي تلك الحالة سيصبح جميع السكان من حيث المبدأ مواطنين والأغلبية عرب ما يجعل المستوطنين اليهود أقليه في ذلك الكيان، وذوبانهم وذوبان (إسرائيل) في بحر من السكان العرب الفلسطينيين.. ولعل تلك المخاوف هي من دفع قادة الكيان إلى تمرير ما سمي القانون الأساسي الذي أقره الكنيست مؤخراً وينص على أن (إسرائيل ) هي الدولة القومية للشعب اليهودي وليس فقط دولة يهودية.. بمعنى أن أي يهودي في العالم هو مواطن أو مشروع مواطن مستقبلي فيها ما يعني أن العالم سيكون أمام ظاهرة غير مسبوقة في تعريف الدولة على أنها أرض وشعب وسلطة بحيث تصبح (إسرائيل) ديموغرافياً وليس جغرافياً، أو لنقل: مملكة الصاعدين إلى السماء…

إضاءات -د. خلف المفتاح

 

آخر الأخبار
بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي الجنائية الدولية" تطالب المجر بتقديم توضيح حول فشلها باعتقال نتنياهو قبول طلبات التقدم إلى مفاضلة خريجي الكليات الطبية