الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
في العصر العباسي الأول بلغت الدولة الإسلامية أوج مجدها في الغنى والسيادة المدنية، وفيه نشأت معظم العلوم العربية، فكانت قصور الخلفاء آهلة بالعلماء والأطباء والشعراء. ومن مميزات هذا العصر اشتغال الخلفاء بالعلوم والآداب كالمنصور والرشيد والمأمون، وأقاربهم ووزرائهم، فكان من مفاخر هذا العصر إطلاق الفكر من قيود التقليد. وفي هذا العصر نقلت العلوم من اليونانية والفارسية والهندية إلى العربية. وقد بلغت الكتب التي نقلت آنذاك مئات الآلاف، أكثرها من اليونانية. وشكلت تلك المصنفات التي نقلت إلى العربية نواة نبتت ونمت ثم أزهرت وأثمرت، وحولها كتبت الشروح العديدة التي أوحتها التراجم للفلاسفة العرب.
أطلق على العصر العباسي الثاني عصر الحصاد. وفي العصر العباسي الثالث انتقلت العلوم إلى بلاد الأندلس بوساطة رسائل إخوان الصفا.
إن تلك المؤلفات التي نُقلت إلى العربية، أحدثت انقلاباً فكرياً عند العرب، وكذلك فقد حدث انقلاب لغوي طال الوصف والاصطلاحات العلمية والفلسفية والإدارية. واستحدثت معان جديدة لم يكن لها مثيل في لسان العرب. ولم تقتصر تلك النهضة على ترجمة الألفاظ الأعجمية وتبديلها، وإنما أحدثت تنويعاً في معاني الألفاظ العربية.
إنه عصر أطلق فيه الفكر من قيود التقليد. ونبغت جماعة من العرب فاقوا أحياناً أصحاب الفكر المنقول، فأدخلوا آراء جديدة، فتنوعت وارتقت. وعندما نهض أهل أوروبا لاسترجاع العلوم اليونانية، أخذوا معظمها عن العربية.
لقد نبغ العرب في الطب والصيدلة التي وضعوا أساسها، وأسسوا علم الكيمياء.
ساعد العرب على رقي العلوم وتقدمها، ولهذا يبقى الفضل للعرب في المحافظة على العلوم التي ورثوها من الأمم القديمة السابقة لهم، وزادوا عليها في أطوار تقدمهم.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء7-7-2020
رقم العدد :1004