ثورة أون لاين – فؤاد الوادي :
الوعي الوطني في زمن الحروب والمواجهة مع الأعداء، لاسيما إذا كانت تلك المواجهة دفاعاً عن القيم والحق والكرامة والهوية والوحدة، يعتلي قمة الأولويات، وذلك كونه أحد أهم أسلحة الردع الاستراتيجية للدولة الذي يحمي جبهتها الداخلية، ويحصنها من كل الاعتداءات والرمايات بمختلف أشكالها وألوانها الاجتماعية والإعلامية والسياسية والثقافية والعسكرية، والتي تزداد شراسة وضراوة وسُمية كلما ازدادت منظومة الدولة تماسكا وصلابة، بغية ضرب الجبهة الداخلية وإحداث تصدعات وشروخ كبرى من شأنها أن تؤثر سلباً فيها -أي في منظومة الدولة- وتدفعها إلى التسليم والخضوع لشروط العدو.
من هنا تبدو معركتنا خلال المرحلة القادمة، (معركة وعي)، كما هي معركة سياسية أو معركة ميدانية لاستكمال ما بدأناه في تحرير وتطهير الأرض من كل الإرهابيين والغزاة والمحتلين، وهذا يعزى بطبيعة الحال إلى أن الأسلحة المستخدمة في (معركة الوعي) تستهدف العقول مباشرة وفي ساحة حرب حدودها العالم بأسره، لاسيما في ظل هذا الغزو الإيديولوجي المنظم والمتبادل والذي حول العالم إلى قرية صغيرة.
هناك قناعة تشكلت عند منظومة الإرهاب بكل متزعميها وأطرافها وأذرعها، أنه لايمكن تحقيق أي أهداف في حرب عدوانية ضد شعب يدافع عن أرضه ووحدته وحقه في الحياة وهو الشعب العربي السوري، شعب لا يزال يقدم أبناءه تضحيات جسام من أجل الحفاظ على وحدة التراب والوطن، لذلك كان توجه أعدائه نحو استهدافه من الداخل، من خلال استهداف وعيه عبر بث الشائعات والأكاذيب وتزوير الحقائق والوقائع، وهذا الأمر كان جليا وواضحا طيلة سنوات الحرب الماضية ولا يزال مستمرا بشكل أكثر شراسة ووحشية وسمية، خصوصا في ظل ارتفاع وتيرة التصعيد والاستهداف والحصار بمختلف أنواعه وأشكاله، لاسيما الاقتصادية.
ونحن على بعد مسافة أيام قليلة من استحقاق سيادي وسياسي وشعبي هام، هو استحقاق الانتخابات التشريعية، نؤكد على خيار الوعي الوطني الجمعي، كخيار هام لهذه المرحلة لمواجهة ظروف المعركة الحالية، دون أن ننسى أن هذه اللحظة التي تموج بالمتغيرات والتحولات السياسية والاستراتيجية والمجتمعية عموما التي حاول البعض اللعب على وترها بقصد ودون قصد لبث مشاعر الإحباط واليأس الوطني قد تُصَّعب من طبيعة المعركة والمواجهة، وقد ترفع من شدة وحدة شراستها واحتدامها، لكننا بمجرد أن نستحضر التاريخ بتجاربه ودلالاته البالغة في التأثير والمعنى والفعل، فإن ذلك يكفي لأن تحسم المعركة حتى قبل أن تبدأ وبانتصار واضح لصالح الوعي الجمعي للسوريين، وبهزيمة مطلقة لكل محاولات واستهدافات العدو الذي لا يزال يجهد لتفكيك بنية الوعي الوطني، مع ملاحظة أن تلك المحاولات المحمومة لم تُثبت فشلها فحسب، بل أعطت نتائج ومفاعيل عكسية كان أهمها ارتفاع منسوب الوعي الوطني لدى السوريين، لاسيما فيما يتعلق بحب الوطن والاستشراس أكثر وأكثر في الدفاع والذود عنه، ولعل الصمود الأسطوري للشعب السوري طيلة السنوات الماضية يعكس هذه الحقيقة ويؤكدها ويجزم بدوامها