الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
في الزمن الذي يلقى فيه الشعر تهميشاً وسطحية، وفي الزمن الذي لا توجد فيه رواية حقيقية فاعلة ولعوب وساحرة، يجد البعض أنفسهم أسياداً وأصحاب حق في الإطراء عليهم باستمرار، حتى وإن كتبوا أسوأ نصوص عبر التاريخ.
هؤلاء لا يقبلون أبداً أن ينتقدهم أحد، مهما كانت منزلته الفكرية والأدبية، لأنهم، ببساطة، صنعوا عروشهم الوهمية، وتربعوا عليها.
قتل رولان بارت كل المؤلفين دفعة واحدة، الأحياء منهم والأموات، وصاغ نظرية شهيرة حول «موت المؤلف»، معتبراً أن كل قارئ هو مؤلف. ولم نسمع عندها أن ماركيز الساحر، ويوسا اللعوب، وكونديرا المخرب، قد اعترضوا – مجرد اعتراض بسيط – وهم يرون دماءهم تسيل بين سطور كتبهم الجميلة والأثيرة لدى معظم سكان المعمورة.
يتباهى الواهمون بتداول قائمة كبيرة من الكلمات الرنانة: الحوار، الرأي، النقد… وتتوقف هذه الكلمات عن فاعليتها عندما يكون الواهم طرفاً فيها، وكأنه منزه عن الدخول في حوارات أو في منأى عن النقد؛ إذ كيف يمكن له ما أن يقبل أن يضع نفسه في قائمة الذين يمكن أن يطالهم النقد! وإن حدث وتجرأ مثقف ما على نقد الواهم، فإنه سيتعرض إلى هجوم سافر وتكفير وعزل وتشويه.
القصة هكذا ببساطة، لأن الموهبة الأصيلة، لا يمكن أن تعيش إلا على النقد والرأي الآخر، ولا يمكن لصاحبها أن يستمر من دون أن يطالب الآخرين بأن يحملوا مطارقهم وينهالوا على نصه بقوة، لأنه عندها سيعرف حجمه ومكانته.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء21-7-2020
رقم العدد :1006