ثورة أون لاين -ظلال غصون:
لا يزال الأميركي يتمادى في أساليب الهيمنة والاحتكار لضرب مقدرات شعوب العالم ضاربا عرض الحائط بكل النداءات الإنسانية في زمن انتشار الأوبئة والأمراض القاتلة، لاسيما وأن الاخطبوط الأميركي بنى زعامته على أنقاض الضعف الأوروبي الذي حصل خلال حقب تاريخية ماضية والتي هيأت جوا مناسبا لغطرسته عبر ضخ الدولار وإحكام سيطرته على التبادلات التجارية العالمية.
أميركا لم تتوقف يوما عن أساليبها البشعة في الاتجار بحياة البشر عن طريق هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي ما يهدد أمن الكثير من الشعوب بالتزامن مع انتشار فيروس كورنا الذي جعل من الحاجة للمواد العلاجية مطلبا ملحا وضروريا خاصة وأن أميركا تحتكر الدواء والمساعدات الإنسانية، لاسيما في ظل فرضها عقوبات جائرة على دول لم ترتكب أي ذنب إلا أنها عارضت سياسات الترهيب والقمع الأميركي.
وفي هذا السياق أكدت دراسة أجراها صندوق النقد الدولي بأن هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة والتمويل في العالم يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأثر الاقتصادي لوباء كوفيد 19، مشيرة إلى أن تعزيز قوة الدولار ستؤدي إلى تفاقم تراجع التجارة العالمية والنشاط الاقتصادي على المدى القصير.
ووفق صندوق النقد الدولي فإنه من المستبعد أن تتمكن البلدان النامية من الاستفادة من ضعف عملاتها الوطنية لتحفيز الاقتصاد، حيث يتم تحديد أسعار الصادرات بالدولار، كما أن ضعف عملات الدول الأخرى مقابل الدولار، يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، وبالتالي انخفاض الطلب عليها.
وفي وقت سابق قال الخبراء إن الولايات المتحدة يمكن أن تسحب العالم بأسره إلى أسفل، لأن المقاومة غير الفعالة للوباء، تبطئ الانتعاش العالمي.
وتعتمد العديد من البلدان على الولايات المتحدة، الدولة التي تبلغ حصتها حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لكن بعض المحللين يرى أن الدولار، خلال الأزمة بدأ يفقد قيمته، وتعزز اليورو وبدأ يتحول إلى “ملاذ آمن” جديد للمستثمرين.
وقال الرئيس السابق لـ”مورجان ستانلي آسيا “، ستيفن روتش ، إن الدولار سينهار وسط عجز متزايد في الميزانية الأمريكية وعمليات إلغاء العولمة.
يشار إلى أن النفوذ العالمي للدولار بدأ منذ عام 1944 أي بعد الحرب العالمية الثانية، عندما كانت دول أوروبا منهارة اقتصاديا حيث استنزفت احتياطاتها من الذهب لذلك اتجهت الأنظار طلبا للمساعدة نحو واشنطن متزعمة الدولار، وعلى أساس ذلك تم التوصل إلى حل وسط في اتفاقية” برايتون وودز” التي تتضمن اعتماد الدولار كمعيار مواز للذهب في التبادلات التجارية باعتبار أن أميركا رفضت التخلي عن ذهبها خلال المعاملات التجارية.
وعلى مراحل الحقب التاريخية اللاحقة تم ضخ ما يقارب 13 مليار دولار أمريكي تحت مسمى مشروع مارشال الأمريكي عام 1947 وهذا ما ساعد الدولار مرة ثانية على الانتشار العالمي و تعمدت بعدها أميركا إلى الاستيراد والتصدير بالدولار، وبالتالي ضخ الدولار إلى العالم ليتحول إلى قوة احتكارية ضاغطة تهدد حياة الآلاف من الشعوب وتهيمن وتحتكر التمويل الدولي كعملة تمويل واستثمار.