كيري في «نسخته» السابعة

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
لا يبدو أن كيري في جولته السابعة هو ذاته الذي كان في جولته الأولى رغم محاولات الاستنساخ، فالدور اختلف، والطرح تباين، والثقة بالنفس تغيرت،

والأوراق التي يحملها تبدلت أو استُنفدت، والدبلوماسية الأميركية بالكاد تستطيع إحصاء عثرات وزلات، وربما سقطات في السياسة والحسابات التي لا يريد كيري أن يعترف بها.‏

لا أحد ينكر حقّ كيري في أن يستنسخ ذاته ودوره وطرحه حيث يشاء، وكيفما يشاء، وبالطريقة التي يعتقد أو يتوهم أنه من خلالها يؤدي مهمته، غير أنه يخسر ذلك الحق حين يعود إلى السياق ذاته بأدوات خرجت من التداول وإلى الرهان على نضوج مناخ لن يكتمل، حيث انتظاره سيكون من دون طائل.‏

الفارق بين كيري في جولته الأولى وجولته الحالية رغم الاستنساخ، يتسع أكثر بكثير مما هو متاح، بل في جوانب الاختلاف المتعددة التي نمت على هامش فشله المزدوج في تقديم صورة منطقية للدبلوماسية الأميركية يضيف سلوكه السياسي الكثير من الأسئلة التي تشي بحجم الإحباط المتنقل الذي يمارسه، وتعادل في جوهرها فشلاً حقيقياً لا يستطيع كيري أن يتجاهله رغم ما يدعيه وما يبديه من حماسة أمام الكاميرات سرعان ما تخبو خلف الأبواب المغلقة.‏

في إطلالته الأولى على المنطقة جاء كيري بسلة تعددت فيها التمنيات، وقدم نفسه كزعيم دبلوماسي له خبرته في قضايا المنطقة، ويمتلك ما يكفي من الثقة بما يحمله في جعبته من أوراق تتراكم لدى دولة عظمى تربعت على سدة النظام العالمي لأكثر من عقدين من الزمن.‏

هذه الصورة لم تصمد طويلاً بعد أن اصطدمت مباشرة بسيل من الأخطاء الاعتبارية في سلوكه ومقارباته الهجينة، حيث بدت خليطاً غير متجانس من الطروحات المتناقضة التي يصعب جمعها تحت سقف واحد، فيما عانت أفكاره حيال ما يجري في المنطقة والقضايا الشائكة التي تصدى لها من عوارض مرضية حادة، خلطت بين ما يسعى إليه وبين ما يحمله في حقائبه من أحكام مسبقة.‏

في الجولات التالية كان أمل بعض من اعتاد الرهان على الدور الأميركي أن تكون فرصة سانحة كي يغيّر كيري من الانطباعات الأولى التي تشكلت برأيهم على عجل، ولم تعكس حقيقة ما يمتلكه الرجل، لكن الخيبة التي ارتسمت في جولته الأولى كانت ذاتها في الجولات التي تلتها، بل كرست تلك الصورة النمطية التي تحولت إلى عائق حقيقي لم يتمكن كيري بعدها من المبادرة.‏

في جولته الحالية لا يمتلك كيري ما يمكن أن يعدّل من تلك الصورة، ولا ما يخفف من إشارات الاستفهام العديدة التي ارتسمت حول أدائه، بل ما يحمله سيؤكد ما هو مؤكد أكثر مما يمتلك القدرة على تغيير الانطباع السائد، وهنا تبدو المعضلة التي تواجهه أكثر من غيرها.‏

فإذا كان الرهان الأميركي على إحداث اختراق في الظرف الذي ينشغل فيه العالم بما تشهده المنطقة، فإنه رهان يبدو خاسراً منذ البداية، وإذا كان يعوّل على متغيرات قادمة يمكن لها أن تعدل من المزاج العام في المنطقة حيال السياسة التي يقودها كيري، فإن الانتظار سيطول كثيراً، بل عليه أن يحتسب أن الكفة تميل في الاتجاه الآخر، وفي الزاوية المعاكسة تماما.‏

فانتظار التوازن على الأرض بعد مفاخرته بتسليح الإرهابيين لا يبدو مقنعاً حتى للأميركيين، والارتباك الحاصل في حمل مظلة التسليح يزيد من التعرج في الأداء الأميركي، فيما المتغيرات المصرية لا تشي بأن الإدارة الأميركية يمكن لها أن تضيف المزيد من الأوراق في تطوراتها، وإنما العكس هو الصحيح، حيث تخسر تباعاً، خصوصاً حين بدت تجربتها في التحالف مع الأخوان تجربة فاشلة وفي طريقها إلى السقوط النهائي، ولم تنفع محاولات الترقيع الأميركي لاستدراك ما يمكن استدراكه من بقايا هذه التجربة.‏

على المقلب الثاني لا تبدو الدبلوماسية الأميركية حيال القضية الفلسطينية وعملية السلام أفضل حالاً، وعرّابها الجديد لا يملك أوراقاً كافية لتعويم الخيار الأميركي، بل ضعفه يساهم في إغراقه، كما أن وكلاءه في دعم الإرهاب ليسوا في وضع يتيح لهم الاستمرار في إشغال الوقت طويلاً.‏

كيري في جولته السابعة خلال أشهر قليلة لا يبدو مغايراً عن كيري في جولته الأولى، إلا أنه فقد الكثير من مصداقيته، ففشله في الجولة الأولى هو رصيده ذاته في جولته الحالية، والذي ينتظره في أي جولة قادمة، ومعادلاته التي يريد تعميمها بسواطير الإرهاب لا تبدو قابلة للتطبيق في كل الاتجاهات التي يبحث فيها عن مخارج، وإذا كان يتوهم أن بيع الوقت في هذا الظرف قد يكون الحلّ الوحيد فعليه هو الآخر أن يشتري الكثير منه ليجد أن كل، ما اشتراه وما باعه، كان في الوقت بدل من الضائع.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” مرسوم بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعد شاغر في دائرة دمشق الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي