عندما يبتر نصفك

 

فجأة وخلال ساعات لا تصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة، يقذفنك الدهر بصفير (المونيتور) لتصبح صواعد ونوازل ضخات القلب خطاً يعلن شطرك وبتر نصفك. يمر شريط حياتك حلماً أمام عينيك وأنفاسك تتحشرج في حلقك، ويعتصم ريقك في بلعومك تجحظ عيناك، يملأ صوتك الفضاء لكنك لا تسمعه ويصبح كل شيء أسود.

كأن دخان حريق العالم يلفك، ويوشح الألم ما بقي من رأسك وأشلاء بقايا جسدك، وأنت ترى نصفك الآخر بين يدي أغراب لا تعرفهم ولم يمروا في مساحة حياتك الماضية، لكنهم الآن بصمة تترك أثرها حتى نهاية العالم وهم يكفنون نصفك الآخر.

أنت عريان أمام مرآة حياتك، تنظر إلى العقود الأربع وهي تحمل السبع الأخريات على كفوفها، لتثقل بها ميزان عمرك الماضي معلنة توقف نصف قلبك عن الضخ، فهل لك أن تعيش بنصف قلب ونصف جسد ونصف روح؟ تلك هي مشيئة القدر الذي يفرض ما يشاء، دون أن يمنحك أي مساحة للحوار.

غابت سنون جميلة وحزينة في طيات اللحظات الخانقة تتدحرج في متاهات الحنين للعمر الذي مضى، فتيبس اخضرار عمري في ثوان، أصبحت الحيرة دوامة تدور بسرعة الضوء، وأصوات المحيطين أصداء تتردد كما البرق تصم الآذان، هبطت سماء رصاصية دامية على رأسي حيث نفر الدم إليه هاجراً الجسد المفجوع.

كيف ستمر الليالي المظلمة وأنت مبتور في نصف جسد؟ تراك تغيب أيها النصف المغادر ناسياً عتبات الدار، ونوافذ الشمس، ومقاعدك التي اعتدت على تبادلها؟ هل تعلم أن بلابلك سكنت، ولم يعد صوتها يصدح كأنها في سبات.. وشجرة الفل لا أعلم كيف غادرت مكانها؟؟ سرقت أم ركعت مثلك على التراب الذي اشتقته؟ إلى جوار عروس الشام والأحباب تيبست خطواتك في شوارع دمشق، لم تنتظر تكبيرة العيد.

أيها النصف المغادر، لم يعد العذاب الذي غيب باكورة شهداء ما حل بالوطن، الصبية والفتى قبل عقد يدق بابك، ذاب عذاب حنينك إليهم كما الضوء الذي يلتمع فجأة وينطفئ.. لتترك لي كومة الآلام تتزاحم مع العذابات على أبواب أيامي الآتيات.

لم تعد شموع أعياد الأحفاد تركض نحوك؛ لتهلل لهم ترنيمة العيد وأمنية أعمارهم، (حيكون عيد ميلاده الليلة أسعد الأعياد) ومن ينتظرون تهاني النجاح في الشهادات أغضبهم القدر الخاطف، لحرمانهم منك، فأنت مصدر الفرح والحيوية الذي يهديهم للأمام، تاركاً إياهم لمسطحات الحياة الغامضة الآتية، يخشون ريبة التحمل أم عدمه.

لم يكتمل بعد بنيان حياة الأسرة يا عميدها، أما بكرت بالرحيل تاركاً نصفك المبتور يواجه توهانه في أنفاق الأيام المفرطة، في معركة الصراع مع الحياة قد لا يحتمل وقد تكون الخطوة المصيرية إلى النهاية على إيقاع نمطي لم تعتده أنت، ولا نحن؟.

أنزل ربان السفينة الشراع ورمى المرساة على شاطئ السكون، معتنقاً أبدية الخلود.. يرنو من عليائه على نصفه المبتور، يسير في موكب الحياة نحو المشهد الباقي من الحياة، وصولاً لمشيئة الله نحو الحقيقة العادلة الوحيدة على كوكب الأرض، الموت الذي يأتي بترتيب وليس مجرد مصادفة حيث لا لقاء منتظراً، قبل يوم النشور.

إضاءات- شهناز صبحي فاكوش

 

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة