الاعتداءات الصهيونية المتكررة تتصدر اليوم مشهد الإرهاب الذي تريد منظومة العدوان الأميركية تعويمه في المنطقة، وهذا يرتبط بطبيعة الأجندات والمشاريع العدوانية المعدة لهذه المرحلة، فالكيان الصهيوني- ومن ورائه الولايات المتحدة بطبيعة الحال- فقد الكثير من أذرعه الإرهابية على الأرض، والتي كان يعول عليها كركيزة حماية لأمنه ووجوده في ظل المتغيرات الميدانية والسياسية الحاصلة، والأهم أنه بات يدرك مدى تعاظم قدرات محور المقاومة الذي يتصدى لكل مشاريعه وأوهامه، ويحاول من خلال لجوئه إلى هذا التصعيد على مختلف الجبهات فرض قواعد اشتباك جديدة تغير من موازين القوى والمعادلات القائمة بعد تقهقر الإرهاب.
حقيقة أن العدو الصهيوني كيان غاصب، خارج عن منظومة الشرعية الدولية، ويهدد الأمن والسلم الدوليين، لا جدال فيها على الإطلاق، ولكن عدوانه المتواصل على أطراف محور المقاومة في هذه المرحلة يحمل في طياته الكثير من الأجندات المخفية، التي يرى فيها الإرهابي نتنياهو بأنها تسوق مزاعم الكيان الغاصب بأنه لا يزال متفوقا بقدراته العسكرية، بعدما أثبتت كل التجارب السابقة بأنه أوهن من بيت العنكبوت، فتلك الاعتداءات تأتي في المقام الأولى لدعم ما تبقى من تنظيمات إرهابية، وأيضا لإثبات حضور العدو الصهيوني على مسرح الأحداث الجارية، لمحاولة شرعنة وجوده الاحتلالي أمام المجتمع الدولي، إضافة إلى ذلك إيهام الأميركي بأنه لا يزال قادرا على تقديم خدماته فيما يخص استهداف الدول الرافضة لسياسات الهيمنة الأميركية، وتحويل المنطقة إلى بؤرة دائمة للعنف والفوضى بما يمهد الطريق نحو فرض المشاريع التوسعية التي تستهدفها.
الكيان الصهيوني يمر بحالة عجز ويأس، بعد عدوانه السافر على مناطق في الجنوب اللبناني، هو يستجدي اليوم المجتمع الدولي بإيهامه عبر مزاعم كاذبة بأنه لا ينوي التصعيد خشية من رد المقاومة الوطنية اللبنانية، حتى أن حالة الارتباك الواضحة التي بدت على الإرهابيين نتنياهو وبيني غانتس بعد اجتماعهما الطارئ في وزارة الحرب الصهيونية يكشف حجم الرعب الإسرائيلي من الرد، ومن قدرة المقاومة على إلحاق هزيمة أخرى بهذا العدو، كذلك رغم كل اعتداءاته المتكررة على سورية، وانخراطه المباشر في الحرب الإرهابية ضدها، لم يحقق هذا الكيان شيئا من أجنداته السياسية، فسورية لم تخضع للمشيئة الأميركية، وأفشلت بصمودها “صفقة القرن”، وهي أكثر عزماً وتصميماً على استعادة الجولان المحتل، حتى أن التحريض المتواصل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم يدفعها للتنازل قيد أنملة عن حقوقها المشروعة في الملف النووي، وهذا يشير إلى أن قوة وصلابة محور المقاومة لا يمكن أن تكسرها العربدة الصهيونية والأميركية، بدليل معادلات القوة والرعب التي يفرضها هذا المحور رغم حجم الاستهداف والتصعيد الصهيو-أميركي.
البقعة الساخنة -ناصر منذر