رغم توجيه محافظة ريف دمشق لبعض الوحدات الإدارية في المحافظة إلغاء جملة الإجراءات المشددة التي اتخذتها، للحفاظ على السلامة العامة وذلك ضمن الصلاحيات التي يمنحها لها قانون الإدارة المحلية، وهي خطوة دون شك جيدة ومنتظرة وقد تكون مفاجأة للكثيرين.
إلا أن هذه المبادرة الخجولة سلطت الضوء على حجم المهام والصلاحيات التي يمكن أن تضطلع بها الوحدات الإدارية ومجالس المدن على امتداد الجغرافية السورية، ليس فقط في مجال عملها ومهامها الذي تقاعست وتناست أهميتها ودورها طوال سنوات، وكانت السبب الرئيس في تراجع مستوى الخدمات وتردي الواقع الاقتصادي والاجتماعي للناس في تلك المناطق دون استثناء، ما دفع العديد منهم لترك بلداتهم وقراهم، والأخطر هجروا أراضيهم والعزوف عن زراعتها والاعتماد على شراء مختلف موادهم من الأسواق.
لذلك لم يكن مستغرباً تجاوب كل من اطلع على تلك الإجراءات، التي أدرجت تحت مسمى ممارسة الصلاحيات الذي ترافق مع حالات استفهام كبيرة حول أسباب هذا التقصير في ممارسة صلاحيات واسعة، ودور مهم كان يمكن أن يشكل تغيراً واضحاً في مجالات عديدة، تبدأ من إمكانية استثمار بعض المواقع ومكامن الجذب العديدة التي لا تكاد تخلو منها وحدة إدارية في سورية، والاستفادة منها في تنمية ونماء تلك المناطق، وصولاً للمساهمة في ضبط الأسواق ومراقبة حالات الغش وليس انتهاء بدورها في وقف مشاهد التلوث البصري التي انتشرت خاصة في الأرياف نتيجة غض الطرف عن عشرات إن لم نقل مئات مخالفات البناء لإرضاء البعض، وتحقيق أرباح شخصية على حساب الحفاظ على نظافة البيئة والمناطق الزراعية في الريف، وغيرها الكثير من الأدوار التي تخلى عنها القائمون على تلك الوحدات الإدارية، ومن خلفهم وزارة تناست مهامها في المتابعة والتقييم والمحاسبة حتى وصلنا لهذه المرحلة المتردية على مختلف المستويات خاصة الخدمية منها لمختلف البلدات والقرى.
واقع الوحدات الإدارية يمكن تعميمه أيضاً على هيئات هامة غيبت لسنوات رغم الحاجة الماسة لها، خاصة وأن قوانين إحداثها منحتها صلاحيات كبيرة، وفي مقدمتها هيئة المنافسة ومنع الاحتكار المهمشة بعد قرار تحويلها من هيئة مستقلة لديها مهام ودور واسع في السوق لمديرية تتبع لوزارة التجارة الداخلية، وكأن هناك يد خفية تريد تحجيمها لترك الساحة خالية للمحتكرين من تجار ومنتجين ومستوردين لاستغلال الناس من خلال تخزينها لحين ارتفاع سعرها، وضخها بالوقت الذي يحقق لهم أعلى ربح وما حصل مؤخراً من تواجد الموز بالسوق بكميات كبيرة وأسعار مخفضة خير مثال، وهذا كله يستدعي التوقف عنده بمسؤولية تقتضي أولاً وأخيراً محاسبة كل من تخلى عن مهامه بهذه المرحلة الحساسة.
الكنز – هناء ديب