انفجار بيروت.. مأساة جديدة

ثورة أون لاين- ترجمة ليندا سكوتي:  

كان لبنان على مدى الزمن مقصداً سياحياً إزاء ما يمتاز به من ثراء وتنوع وجمال طبيعة ومطبخ شهي، لكنه أصبح يشكل مصدراً للبؤس المستمر لقاطنيه، إذ يحيا شعبه منذ سنين طوال بقلوب يعتريها اليأس في وطنهم.
ولم يكن الانفجار المدمر الذي حدث يوم الثلاثاء سوى مأساة أخرى تنضم إلى قائمة طويلة من المآسي التي يعاني منها الشعب اللبناني، وتطول القائمة.. فمن أين يبدأ الألم في لبنان؟ هل بدأ منذ الحرب الأهلية في ستينيات القرن التاسع عشر التي أودت بحياة الآلاف؟ أم منذ المجاعة الكبرى إبان الحرب العالمية الأولى التي أودت بحياة الكثيرين؟ أم منذ الحرب الداخلية بين عامي 1975 -1990 التي خلَّفت عشرات آلاف الضحايا.
على مدى عقود كانت أنظار سكان البلاد تتوجه نحو الهجرة فراراً من البؤس الملم بوطنهم، ولذلك يعيش أكثر من 10 ملايين لبناني خارج البلاد التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، ما يجعل لبنان إحدى الدول القليلة ذات الغالبية في الخارج.
أما بالنسبة لنا- نحن المغتربين -فإننا نعيش حياة المنفى التي أفضى إليها الجشع الذي لا تحكمه القيود للبعض، والخراب الذي حدث على مدى العديد من الأجيال، ما حدا بجد أبي في منتصف القرن التاسع عشر لمغادرة البلاد إلى الولايات المتحدة بحثاً عن تأمين فرصة عمل له. وبعد قرن اتخذ والدي ذات القرار عندما توجه إلى استراليا. أما جدتي من جهة أمي فقد حذت حذوهم بعد الدمار الذي حل بحياتها من جراء الحرب الأهلية ومقتل زوجها ،الأمر الذي جعلها أرملة تعيل سبعة أطفال كانت أمي إحداهم.
ويمكن القول إنَّ لدى كل عائلة لبنانية حكاية مشابهة لحكايتنا، فالماضي لايطارد الحاضر بل إنه حاضرنا ذاته. عندما عدت إلى بيروت، وكنت الوحيد من هذه العائلة المهاجرة الذي قام بالعودة بين عامي 2011 و2015، تخوف والدي لأنني رجعت، وقد كان ذلك بدافع حماسة شبابية أو شعور بإمكانية العودة إلى لبنان.
والآن ربما انهارت الشقة التي شغلتها ذات يوم، ذلك لأن الأحياء التي أعرفها تحولت إلى ركام، وبات أصدقائي مشردين، بعد أن ضاعت سنوات من العمل والتوفير أملاً في دفع عجلة الاقتصاد في هذا البلد الذي لم يستطع الآباء والأجداد انتزاعه من داخلهم. لكن من المؤسف أن يحدث في دقائق معدودة هذا الدمار.
انظرُ إلى الركام والجثث المغطاة بالغبار في مقاطع الفيديو ،وأستذكر روايات والديَّ عما جرى في سبعينيات القرن الماضي. لقد رأوا الأنقاض أيضا، كما أتذكر قصص أجدادي عن المجاعة الكبرى، عندما كانوا يشاهدون الجثث مكدسة في الشوارع أيضا، فضلاً عن حكايات الأجداد عما جرى في ستينيات القرن التاسع عشر، إذ بدا لي كأن المآسي لا نهاية لها.
يعاني لبنان اليوم من أسوأ أزمة اقتصادية منذ المجاعة الكبرى قبل قرن مضى، ومن جراء انهيار العملة والتضخم النقدي لم يعد إلا قلة قليلة من اللبنانيين يستطيع دفع ثمن المواد الغذائية الرئيسة المستوردة في معظمها ،ولاسيما أنها تصل إلى مرفأ بيروت الذي وقع فيه التفجير.
وليس ثمة ما يوضح كيفية إصلاح الأضرار الحاصلة وخاصة أن الطبقة الحاكمة غارقة منذ شهور في مفاوضات متعثرة مع بنك النقد الدولي مطالبة بقروض هي بأمس الحاجة إليها، بينما يصر البنك على إجراء إصلاحات، لكن ليس لدى لبنان الأموال لإصلاح الأحياء التي دمرها الانفجار ما يفضي إلى تسخير المساعدة الدولية الأساسية لتزويد اللبناني المنكوب بالمسكن والمأكل.
ولا ريب أن ما حصل ليس سوى جزء سببه الفساد الذي يغلف كل جانب من جوانب البلاد،أما بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في الخارج، فلا حيلة لهم سوى ذرف الدموع كما ذرفتها الأجيال السابقة بقلوب محطمة جراء مآسٍ يبدو أن لانهاية لها.
The Guardian

آخر الأخبار
استثناء الطلاب السوريين المتقدمين للشهادة اللبنانية من الحصول على الإقامة  شرطة درعا تعالج شكاوى سوق الحلال في مزيريب  MTN تبدأ بتفعيل الشريحة الالكترونية الإثنين المقبل أهال من نوى يتبرعون بـ 135 مليوناً لدعم المدارس شح بالمستلزمات ونقص كوادر صحية بمنطقة سلمية  25 يوماً مدة التقنين ببعض قرى طرطوس و " المياه " : الوضع مرتبط بتحسن الكهرباء   وزير الاقتصاد والصناعة :  ترخيص أكثر من 450 شركة محلية وأجنبية منذ بداية 2024   لتدارك انحباس الأمطار..  الخبير البني لـ"الثورة": خطة طوارئ لحماية المحاصيل الصيفية  الموزاييك الدمشقي..عراقة وأصالة الماضي   بعد لقاء صحيفة "الثورة".. احتضنته "بيت الإبداع" بالتشجيع والتكريم   تحذير أمني عاجل: حملة اختراق تستهدف حسابات WhatsApp في سوريا سوريا تبحث طباعة عملة جديدة...   تبديل العملة بداية الإصلاح أم خطر الانهيار ؟قوشجي لـ"الثورة": النجا... إخماد حريق في وادي الأشعري الذهب يعاود صعوده على وقع ارتفاع الدولار م. الأشهب لـ"الثورة": طحن الكلنكر حل مرحلي لمصانع الإسمنت المتقادمة من الثمانينيات إلى اليوم.. هل ينجح المجلس السوري - الأميركي هذه المرة؟ جامعة حمص تبحث آفاق التعاون الأكاديمي والتقاني مع تركيا الخيول العربية الأصيلة في القنيطرة رمز للأصالة والتاريخ "الفيجة" إنذار لا مركزي إصلاح أبراج التوتر المخربة مستمر بدرعا